البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٢٧
أصل تحريم السؤال. وقيدنا بكونه فارغا عن الحوائج الأصلية لأنه لو كان مستغرقا بها حلت له فتحل لمن ملك كتبا تساوي نصابا وهو من أهلها للحاجة لا إن زادت على قدرها أو كان جاهلا، والفقيه غني بكتبه ولو كان محتاجا إليها لقضاء دينه فيجب بيعها كما في القنية من باب الحبس من القضاء، ويحل لمن له دور وحوانيت تساوي نصبا وهو محتاج لغلتها لنفقته ونفقة عياله على خلاف فيه، ولمن عنده طعام سنة تساوي نصابا لعياله على ما هو الظاهر بخلاف قضاء الدين فإنه يجب عليه بيع قوته إلا قوت يومه كما في القنية من الحبس. وحلت لمن له نصاب وعليه دين مستغرق أو منقص للنصاب وحلت لمن له كسوة الشتاء لا يحتاج إليها في الصيف، وللمزارع إذا كان له ثوران لا إن زاد وبلغ نصابا، ولا تحل لمن له دار تساوي نصبا والفاضل عن سكناه يبلغ نصابا. وقيد بملك النصاب لأن من ملك ما دونه يحل له أخذها إذا كان قيمته لا تبلغ نصابا ولو كان صحيحا مكتسبا، قيدنا به لأنه لو كان تسعة عشر دينارا تساوي ثلاث مائة درهم لا تحل له الزكاة. كذا في المحيط عن محمد.
وفي الفتاوى الظهيرية خلافه قال: وقال هشام سألت محمدا عن رجل له تسعة عشر دينارا تساوي ثلاث مائة درهم، هل يسعه أن يأخذ؟ قال: نعم ولا يجب عليه صدقة فطره.
وقيد بالزكاة لأن النفل يجوز للغني كما للهاشمي، وأما بقية الصدقات المفروضة والواجبة كالعشر والكفارات والنذور وصدقة الفطر فلا يجوز صرفها للغني لعموم قوله عليه الصلاة والسلام لا تحل صدقة لغتي خرج النفل منها لأن الصدقة على الغني هبة. كذا في البدائع.
وأما صدقة الوقف فيجوز صرفها إلى الأغنياء إن سماهم الواقف وإلا فلا لأنها من الصدقة الواجبة. كذا في البدائع أيضا. وفرعوا على منع دفع الزكاة للغني ما لو دفع قوم زكاتهم إلى من يجمعها لفقير فاجتمع عند الآخذ أكثر من مائتين، فإن كان جمعه له بأمره قالوا كل من دفع قبل أن يبلغ ما في يد الجابي مائتين جازت زكاته، ومن دفع بعده لا يجوز إلا أن يكون الفقير مديونا فيعتبر هذا التفصيل في مائتين تفضل بعد دينه، فإن كان بغير أمره جاز الكل مطلقا لأنه في الأول هو وكيل عن الفقير فما اجتمع عنده يملكه، وفي الثاني وكيل الدافعين فما اجتمع عنده ملكهم. كذا في فتح القدير. وللغني أن يشتري الصدقة الواجبة من الفقير ويأكلها، وكذا لو وهبها له لما علم أن تبدل الملك كتبدل العين، فلو أباحها له ولم يملكها منه ذكر أبو المعين النسفي أنه لا يحل تناوله للغني. وقال خواهر زاده: يحل. كذا في الفوائد بالتاجية. والذي يظهر ترجيح الأول لأن الإباحة لو كانت كافية لما قال عليه الصلاة والسلام في واقعة بريرة هو لها صدقة ولنا هدية كما لا يخفى إلا أن يقال بالفرق بين الهاشمي والغني، وإن قيل به فصحيح لما تقدم أن الشبهة في حق الهاشمي كالحقيقة بدليل منع
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست