الجمعة خلف والظهر أصل فلا، ودفع بأنه متصور بصورة الخلف لأن الجمعة إذا فاتت يصلي الظهر فكان الظهر خلفا صورة أصلا معنى. وقد جمع بينهما في النافع فقال: لأنها تفوت إلى ما يقوم مقامها وهو الأصل. وأما عدم جوازه لخو ف فوت الوقت فلان الفوات إلى خلف وهو القضاء. فإن قيل: فضيلة الجمعة والوقت تفوت لا إلى خلف ولهذا جاز للمسافر التيمم وجازت الصلاة للراكب الخائف مع ترك بعض الشروط والأركان وكل هذا الفضيلة الوقت قلنا: فضيلة الوقت والأداء وصف للمؤدي تابع له غير مقصود لذاته بخلاف صلاة الجنازة والعيد فإنها أصل فيكون فواتها فوات أصل مقصود، وجوازها للمسافر بالنص لا لخوف الفوت بل لأجل أن لا تتضاعف عليه الفوائت ويحرج في القضاء، وكذا صلاة الخوف للخوف دون خوف الفوت. هذا وقد قدمنا عن القنية أن التيمم لخوف فوت الوقت رواية عن مشايخنا وفرع عليها في باب التيمم أنه لو كان في سطح ليلا وفي بيته ماء لكنه يخاف في الظلمة إن دخل البيت يتيمم إن خاف فوت الوقت، وكذا يتيمم في كلة لخوف البق أو مطر أو حر شديد إن خاف فوت الوقت، وعلى اعتبار العجز لا خوف الوقت فرع محمد رحمه الله ما لو وعده صاحبه أن يعطيه الاناء أنه ينتظر وإن خرج الوقت لأن الظاهر هو الوفاء بالعهد فكان قادرا على استعمال الماء ظاهرا. وكذا إذا وعد الكاسي العاري أن يعطيه الثوب إذا فرغ من صلاته لم تجزه الصلاة عريانا لما قلنا. كذا في البدائع.
قوله (ولم يعد أن صلى به ونسي الماء في رحله) أي ولم يعد إن صلى بالتيمم ناسيا الماء كائنا في رحله وهو مما ينسى عادة وكان موضوعا بعلمه وهو للبعير كالسراج للدابة. ويقال لمنزل الانسان ومأواه رحل أيضا وهو المراد بقولهم نسي الماء في رحله. كذا في المغرب. لكن قد يقال: قولهم لو كان الماء في مؤخرة الرحل يفيد أن المراد بالرحل الأول وهذا عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: تلزمه الإعادة قيد بالنسيان لأن في الظن لا يجوز التيمم إجماعا، ويعيد الصلاة لأن الرحل معدن الماء عادة فيفترض عليه الطلب كما يفرض عليه الطلب في العمرانات لأن العلم لا يبطل بالظن بخلاف النسيان لأنه من أضداد العلم وظنه بخلاف العادة لا يعتبر. وقيد بقوله في رحله لأنه لو كان على ظهره فنسيه ثم تيمم يعيد اتفاقا. وكذا إذا كان على رأسه أو معلقا في عنقه. وقيدنا بكونه مما ينسى عادة لأنه لو لم يكن كذلك كما إذا نسي الماء المعلق في مؤخر رحله وهو يسوق دابته فإنه يعيد اتفاقا. وكذا إذا