في البدائع. فإن كان على الاختلاف فظاهر، وإن كان بالاجماع فالفرق على قولهما أن الرحل معد للثوب لا لماء الوضوء لكن يرد عليه لو صلى مع ثوب نجس ناسيا الطاهر فإنها كمسألة الصلاة عاريا مع أن الرحل ليس معدا لماء الاستعمال بل لماء الشرب كما بينا. وما وقع في شرح الكنز وغيره من الفرق بينهما وبين ما لو نسي ماء الوضوء فتيمم بأن فرض الستر وإزالة النجاسة فات لا إلى خلف بخلاف الوضوء، لا يثلج الخاطر عند التأمل لأن فوات الأصل إلى خلف لا يجوز الخلف مع فقد شرطه، بل إذا فقد شرطه مع فوات الأصل يصير فاقدا للطهورين فيلزمه حكمه وهو التأخير عنده والتشبه عندهما بالمصلين. كذا في فتح القدير. ولقائل أن يقول: قوله لأن فوات الأصل إلى آخره صحيح، وأما قوله بل إذا فقد شرطه إلى آخره فليس بظاهر لأن شرط جواز الخلف عدم القدرة على الأصل وفقد هذا الشرط بالقدرة على الأصل، فكيف يجتمع فقد شرط الخلف مع فوات الأصل؟ بل يلزم من فقد شرط الخلف وجود الأصل لأن شرطه فوات الأصل ففقده بوجوده، ولا فرق في مسألة الكتاب بين أن يذكره في الوقت أو بعده. ولو مر بالماء وهو متيمم لكنه نسي أنه تيمم ينتقض تيممه، ولو ضرب الفسطاط على رأس البئر قد غطى رأسها ولم يعلم بذلك فتيمم وصلى ثم علم بالماء أمر بالإعادة. واتفقوا على أن النسيان غير معفو في مسائل منها: ما لو نسي المحدث غسل بعض أعضائه، ومنها لو صلى قاعدا متوهما عجزه عن القيام وكان قادرا، ومنها أن الحاكم إذا حكم بالقياس ناسيا النص، ومنها لو نسي الرقبة في الكفارة فصام، ومنها لو توضأ بماء نجس ناسيا، ومنها لو فعل ما ينافي الصلاة ناسيا، ومنها لو فعل محظور الاحرام ناسيا، ومنها مسائل كثيرة تعرف في أثناء الكتاب إن شاء الله تعالى.
قوله (ويطلبه غلوة إن ظن قربه وإلا لا) أي يجب على المسافر طلب الماء قدر غلوة إن ظن قربه، وإن لم يظن قربه لا يجب عليه. وحد القرب ما دون الميل، قيدنا به لأن الميل وما فوقه بعيد لا يوجب الطلب، وقيدنا بالمسافر لأن طلب الماء في العمرانات واجب اتفاقا مطلقا، وكذا لو كان بقرب منها. وقد اختلفوا في مقدار الطلب فاختار المصنف هنا قدر غلوة وهي مقدار رمية سهم كما في التبيين، أو ثلاثمائة ذراع كما في الذخيرة، والمغرب إلى أربعمائة، واختار في المستصفى أنه يطلب مقدار ما يسمع صوت أصحابه ويسمع صوته وهو الموافق لما قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن المسافر لا يجد الماء أيطلب عن يمين الطريق