البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٧٩
كان راكبا والماء في مقدم الرحل أو بين يديه راكبا بخلاف ما إذا كان سائقا وهو في المقدم أو راكبا وهو في المؤخر فإنه على الاختلاف، وكذا إذا كان قائدا مطلقا. وقيدنا بكونه موضوعا بعلمه لأنه لو وضعه غيره ولو عبده أو أجيره بغير أمره لا يعيد اتفاقا لأن المرء لا يخاطب بفعل الغير. كذا في النهاية وتبعه عليه جماعة من الشارحين وإليه أشار في فتح القدير، وتعقبه في غاية البيان بأن دعوى الاجماع سهو ليست بصحيحة. ونقل عن فخر الاسلام في شرح الجامع الصغير أنها على الاختلاف. والحق ما في البدائع أنه لا رواية لهذا نصا. وقال بعض المشايخ: أن لفظ الرواية في الجامع الصغير تدل على أنه يجوز بالاجماع فإنه قال في الرجل يكون في رحله ماء فنسي: والنسيان يستدعي تقدم العلم ثم مع ذلك جعل عذرا عندهما فبقي موضع لا علم أصلا ينبغي أن يجعل عذرا عند الكل، ولفظ الرواية في كتاب الصلاة يدل على أنه على الاختلاف فإنه قال: مسافر تيمم ومعه ماء في رحله وهو لا يعلم به وهذا يتناول حالة النسيان وغيرها لأبي يوسف وجهان: أحدهما أنه نسي ما لا ينسى عادة لأن الماء من أعز الأشياء في السفر لكونه سببا لصيانة نفسه عن الهلاك فكان القلب متعلقا به فالتحق النسيان فيه بالعدم. والثاني أن الرحل موضع الماء غالبا لحاجة المسافر إليه فكان الطلب واجبا كما في العمران. ولهما أنه عجز عن استعمال الماء فلا يلزمه الاستعمال، وهذا لأنه لا قدرة بدون العلم لأن القادر على الفعل هو الذي لو أراد تحصيله يتأتى له ذلك ولا تكليف بدون القدرة، ولو فقدت قدرته بفقد سائر الآلات جاز تيممه، فإذا فقد العلم وهو أقوى الآلات أولى. وتعقبه في فتح القدير بأن هذا لا يفيد بعد ما قرر لأبي يوسف لثبوت العلم نظرا إلى الدليل اتفاقا كما قال الكل في المسائل الملحق بها. وإنما المفيد ليس إلا منع وجود العلة أي لا نسلم أن الرحل دليل الماء الذي ثبوته يمنع التيمم أعني ماء الاستعمال بل الشرب وهو مفقود في حق غير الشرب اه‍. ولو صلى عريانا وفي رحله ثوب طاهر لم يعلم به ثم علم قال بعضهم تلزمه الإعادة بالاجماع، وذكر الكرخي أنه على الاختلاف وهو الأصح. كذا
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست