البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٧
ترجمة صاحب حاشية البحر السيد محمد أمين الشهير بابن عابدين رحمه الله وهو وإن كان كبير القدر شهير الذكر لا تستقصى مناقبه في مجلدات، غير أننا أحببنا أن لا يفوتنا التبرك بذكر شئ من سيرته لأنه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمات فنقول: هو العلامة المتقن والإمام المتفنن، السيد محمد أمين عابدين ابن السيد الشريف عمر عابدين، ينتهي نسبه الشريف إلى الإمام جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد استوفى ذكر أجداده الكرام مع طرف صالح من مرضي سيرته وكريم خليقته وذكر مؤلفاته وسني حالاته، ولده المرحوم العلامة السيد محمد علاء الدين في أول كتابه " قرة عيون الأخيار لتكملة رد المختار على الدر المختار ". ومجمل القول في المترجم المذكور أنه رحمه الله كان ممن يتذكر به سيرة السلف الصالحين من وفور العلم وكثرة التفنن ومتانة الدين، فبعد غوره في العلوم تشهد به مؤلفاته الشهيرة وما تحويه من ثاقب إفهامه واقتداره على حل العويصات وكشف المدلهمات الكثيرة، فله رحمه الله من التآليف: " رد المحتار على الدر المختار " " والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية " وحاشية على " البيضاوي " وحاشية على " المطول " وحاشية على " شرح الملتقى " وحاشية على " النهر " إلا أنهما لم يجردا، وهذا الحاشية التي على البحر، وله مجموعة في الأدب ونحو الثلاثين رسالة وغير ذلك، وكان حسن الأخلاق والسمات مقسما زمنه الشريف على أنواع الطاعات، وربما استغرق ليله أجمع بقراءة القرآن والبكاء، ولا يدع وقتا من أوقاته من غير طهارة، وكان كثير التصدق، بعيدا عن الشبهات، لا يأكل إلا من مال تجارته، وكان مهابا مطاع الكلمة، وبالجملة فأخلاقه الشريفة لا تنحصر، ولد رحمه الله سنة 1198 ومات رحمه الله ضحوة يوم الأربعاء الحادي والعشرين من ربيع الثاني سنة 1252، عن أربع وخمسين سنة تقريبا بدمشق الشام ودفن بمقبرتها بباب الصغير، لا زالت عليه سحائب الرحمات تمطر ولا برحت دار الخلد له فيها المقام الأشهر، ثم إن هذه الحاشية قد ازدادت حلية بتنميق العلامة الإمام والفهامة الهمام، فريد عصره ووحيد دهره، المرحوم السيد أحمد عابدين ابن عم المؤلف لها بخطه الكريم وتحريره لها بالقراءة وإمعان الفكر وإدمان النظر المستقيم. وعند الشروع في الطبع سمح خاطر ورثته متع الله الوجود بدوامهم وأدام على المسلمين بركة أنفاسهم ومنافع علومهم، بإعطاء تلك الحاشية مع شرح البحر الذي تحلت غرره بخط المؤلف بهذا الحاشية ليكون الطبع والتصحيح على تلك الخطوط الزاهية، فجزى الله ذلك الصنيع خيرا ومنحهم رضا ووقاهم ضيرا آمين.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست