البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٧٧
عليه. ولو شرع بالوضوء ثم سبقه الحدث ولم يخف زوال الشمس ولا يرجو إدراك الإمام قبل فراغه، فعند أبي حنيفة يتيمم ويبني، وقالا: يتوضأ ولا يتيمم. ثم اختلف المشايخ فمنهم من قال إنه اختلاف عصر وزمان فكان في زمانه جبانة الكوفة بعيدة ولو انصرف للوضوء زالت الشمس فخوف الفوت قائم، وفي زمنهما جبانة بغداد قريبة فأفتيا على وفق زمنهما، ولهذا كان شمس الأئمة الحلواني والسرخسي يقولان: في ديارنا لا يجوز التيمم للعيد ابتداء ولا بناء لأن الماء محيط بمصلى العيد فيمكن التوضؤ والبناء بلا خوف الفوت حتى لو خيف الفوت يجوز التيمم، ومنهم من جعله برهانيا. ثم اختلفوا فمنهم من جعله ابتدائيا فهما نظرا إلى أن اللاحق يصلي بعد فراغ الإمام فلا فوت، وأبو حنيفة نظر إلى أن الخوف باق لأنه يوم زحمة فيعتريه عارض يفسد عليه صلاته من رد سلام أو تهنئة، ومنهم من جعله مبنيا على مسألة وهي أن من أفسد صلاة العيد لا قضاء عليه عنده فتفوت لا إلى بدل، وعندهما عليه القضاء فتفوت إلى بدل وإليه ذهب أبو بكر الإسكاف، لكن قال القاضي الأسبيجابي في شرح مختصر الطحاوي: الأصح أنه لا يجب قضاء صلاة العيد بالافساد عند الكل. وفي شرح منية المصلي: لقائل أن يقول بجواز التيمم في المصر لصلاة الكسوف والسنن الرواتب ما عدا سنة الفجر إذا خاف فوتها لو توضأ فإنها تفوت لا إلى بدل فإنها لا تقضى كما في العيد، ولا سيما على القول بأن صلاة العيد سنة كما اختاره السرخسي وغيره. وأما سنة الفجر فإن خاف فوتها مع الفريضة لا يتيمم، وإن خاف فوتها وحدها فعلى قياس قول محمد لا يتيمم، وعلى قياس قولهما يتيمم، فإن عند محمد إذا فاتته باشتغاله بالفريضة مع الجماعة عند خوف فوت الجماعة يقضيها بعد ارتفاع الشمس وعندهما لا يقضيها أصلا قوله (لا لفوت جمعة ووقت) أي لا يصح التيمم لخوف فوت صلاة الجمعة وصلاة مكتوبة وإنما يجوز التيمم لهما عند عدم القدرة على الماء حقيقة أو حكما وفيه خلاف زفر كما قدمناه. أما عدم جوازه لخوف فوت الجمعة فلأنها تفوت إلى خلف وهو الظهر. كذا في الهداية. وأورد أن هذا لا يتأتى إلا على مذهب زفر، أما على ظاهر المذهب المختار من أن
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست