البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٦٦
بكامل والصدقة، ومتى فعل ما هو مختص بشريعتنا فإن كان من الوسائل كالتيمم لا يكون به مسلما، وإن كان من المقاصد أو من الشعائر كالصلاة بجماعة والحج على الهيئة الكاملة والاذان في المسجد وقراءة القرآن فإنه يكون به مسلما. إليه أشار في المحيط وغيره من كتاب السير قوله: (بل ناقض الوضوء) أي بل ينقضه ناقض الوضوء الحقيقي والحكمي المتقدمان في الوضوء لأن التيمم خلف عن الوضوء، ولا شك أن حال الخلف دون حال الأصل، فما كان مبطلا للأعلى فأولى أن يكون مبطلا للأدنى. وما وقع في شرح النقاية من أن الأحسن أن يقال وينقضه ناقض الأصل وضوءا كان أو غسلا فغير مسلم، لأن من المعلوم أن كل شئ نقض الغسل نقض الوضوء، فالعبارتان على السواء كما لا يخفى. واعلم أنه إذا تيمم عن جنابة وأحدث حدثا ينقض الوضوء فإن تيممه ينتقض باعتبار الحدث فتثبت أحكام الحدث لا أحكام الجنابة فإنه محدث وليس بجنب.
قوله (وقدرة ماء فضل عن حاجته) أي وينقضه أيضا القدرة على استعمال الماء الكافي الفاضل عن حاجته. قيدنا بالكافي لأن غيره وجوده كعدمه وقد قدمناه. فلو وجد المتيمم ماء فتوضأ به فنقص عن إحدى رجليه إن كان غسل كل عضو ثلاثا أو مرتين انتقض تيممه وهو المختار، أو مرة لا ينتقض لأن في الأول وجد ماء يكفيه إذ لو اقتصر على المرة كفاه. كذا في الخلاصة. وقيدنا بالفاضل لأنه لو لم يكن فاضلا عنها فهو مشغول بها وهو كالمعدوم كما بيناه. وفي قوله وقدرة ماء إشارتان: الأولى إفادة أن الوجود المذكور في قوله تعالى فلم تجدوا ماء بمعنى القدرة بخلاف الوجود المذكور في الكفارات فإنه بمعنى الملك حتى لو أبيح له الماء لا يجوز له التيمم للقدرة ولو عرض على المعسر الحانث الرقبة يجوز له التكفير بغير الاعتاق. الثانية أن التعبير بالقدرة أولى من التعبير برؤية الماء المشروطة القدرة على استعماله
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست