البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٧٢
أي عن وقت الاستحباب وهو أول النصف الأخير من الوقت في الصلاة التي يستحب تأخيرها، أما إذا كان يرجو فالمستحب تأخيرها عن هذا الوقت المستحب، وهذا هو مراد من قال بعدم استحباب التأخير إذا كان لا يرجو، وليس المراد بالتعجيل الفعل في أول وقت الجواز حتى يلزم أن يكون أفضل، ويدل على ما قلناه ما ذكره الأسبيجابي في شرح مختصر الطحاوي بقوله: وإن لم يكن على طمع من وجود الماء فإنه يتيمم ويصلي في وقت مستحب ولم يقل يصلي في أول الوقت. وقال الكردري في مناقبة: والأوجه أن يحمل استحباب التأخير مع الرجاء إلى آخر النصف الثاني وعدم استحبابه إلى هذا عند عدم الرجاء بل الأفضل عند عدم الرجاء الأداء في أول النصف الثاني بدليل قولهم المستحب أن يسفر بالفجر في وقت يؤدي الصلاة بالقراءة المسنونة، ثم لو بدا له في الصلاة الأولى ريب يؤدي الثانية بالطهارة والتلاوة المسنونة أيضا، وذلك لا يتأتى إلا في أول النصف الثاني اه‍. وفي الخلاصة وغيرها: المسافر إذا كان على تيقن من وجود الماء أو غالب ظنه على ذلك في آخر الوقت فتيمم في أول الوقت وصلى، إن كان بينه وبين الماء مقدار ميل جاز، وإن كان أقل ولكن يخاف الفوت لا يتيمم اه‍. فحاصله أن البعد مجوز للتيمم مطلقا. وفي معراج الدراية معزيا إلى المجتبى: ويتخالج في قلبي فيما إذا كان يعلم أنه إن أخر الصلاة إلى آخر الوقت بقرب من الماء بمسافة أقل من ميل لكن لا يتمكن من الصلاة بالوضوء في الوقت، الأولى أن يصلي في أول الوقت مراعاة لحق الوقت وتجنبا عن الخلاف اه‍. وذكر في المناقب أن هذه المسألة أول واقعة خالف أبو حنيفة أستاذه حمادا فصلى حماد بالتيمم في أول الوقت، ووجد أبو حنيفة الماء في آخر الوقت وصلاها وكان ذلك غرة اجتهاده فقبلها الله تعالى منه وصوبه فيه، وكانت هذه الصلاة صلاة المغرب وكان خروجهما لأجل تشييع الأعمش.
قوله (وصح قبل الوقت ولفرضين) أي صح التيمم قبل الوقت ولفرضين. اعلم أن التيمم بدل بلا شك اتفاقا لكن اختلفوا في كيفية البدل في موضعين: أحدهما الخلاف فيه لأصحابنا مع الشافعي، فقال أصحابنا: هو بدل مطلق عند عدم الماء وليس بضروري ويرتفع
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست