البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٦١
برأسي من الدهن ومن الماء ومن التراب إلا معنى التبعيض قلت: هو كما تقول والاذعان للحق أحق من المراء ذكره في تفسير آية النساء. واختار ابن أمير حاج تلميذ المحقق ابن الهمام أنها لتبيين جنس ما تماسه الآلة التي بها يمسح العضوين على أن في الآية شيئا مقدرا طوى ذكره لدلالة الكلام عليه كما هو دأب إيجاز الحذف الذي هو باب من البلاغة. التقدير والله أعلم: امسحوا بوجوهكم وأيديكم مما مسه شئ من الصعيد وهذا لا يوجب استعمال جزء من الصعيد في العضوين قطعا ا ه‍. وقوله وبه بلا عجز أي بالنقع يجوز التيمم بلا عجز عن التراب، وعند أبي يوسف لا يجوز إلا عند العجز.
تنبيهات: الأول: أن الصعيد المذكور في الآية ظرف مكان عندنا وعند الشافعي ومن يشترط التراب مفعول به بتقدير حذف الباء أي بصعيد ذكره القرطبي. الثاني: أن التيمم على التيمم ليس بقربة كذا في القنية، وظاهره أنه ليس بمكروه وينبغي كراهته لكونه عبثا.
الثالث: ذكر في الغاية أن ههنا لطيفة وهي أن الله تعالى خلق درة ونظر إليها فصارت ماء ثم تكاثف منه وصار ترابا وتلطف منه فصار هواء وتلطف منه فصار نارا فكان الماء أصلا. ذكره المفسرون وهو منقول عن التوراة. وإنما لم يجز التيمم بالمعدن كالحديد لأنه ليس بتبع للماء وحده حتى يقوم مقامه ولا للتراب كذلك وإنما هو مركب من العناصر الأربعة فليس له اختصاص بشئ منها حتى يقوم مقامه.
قوله: (ناويا) أي يتيمم ناويا وهي من شروطه. والنية والقصد الإرادة الحادثة ولهذا لا يقال لله تعالى ناو ولا قاصد. كذا في المستصفى. وشرطها أن يكون المنوي عبادة مقصودة لا تصح إلا بالطهارة أو الطهارة أو استباحة الصلاة أو رفع الحدث أو الجنابة، وما وقع في
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست