البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٥٧
لا يجوز إلا إذا وقع ذلك الغبار عليه بعد ما جف، ولا بد أن تكون طهارته مقطوعا بها حتى لو تيمم بأرض قد أصابتها نجاسة فجفت وذهب أثرها لم يجز في ظاهر الرواية. والفرق بين التيمم منها وجواز الصلاة عليها أن الجفاف مقلل لا مستأصل وقليلها مانع في التيمم دون الصلاة، ويجوز أن يعتبر القليل مانعا في شئ كقليلها في الماء مانع دون الثوب. كذا في البدائع وسيأتي تمامه في الأنجاس إن شاء الله تعالى. وظاهر كلامهم أن الأرض التي جفت نجسة في حق التيمم طاهرة في حق الصلاة، والحق أنها طاهرة في حق الكل. وإنما منع التيمم منها لفقد الطهورية كالماء المستعمل طاهر غير طهور وكان ينبغي للمصنف أن يقول بمطهر ليخرج ما ذكرنا كما عبر به في منظومة ابن وهبان وللحديث الوارد من قوله صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (1) بناء على أن الطهور بمعنى المطهر وقد تقدم الكلام فيه. وفي المحيط والبدائع: ولو تيمم اثنان من مكان واحد جاز لأنه لم يصر مستعملا لأن التيمم إنما يتأدى بما التزق بيده لا بما فضل كالماء الفاضل في الاناء بعد وضوء الأول ا ه‍.
وهو يفيد تصور استعماله وقصره على صورة واحدة وهي أن يمسح الذراعين بالضربة التي مسح بها وجهه ليس غير.
قوله: (من جنس الأرض) يعني يتيمم بما كان من جنس الأرض. قال المصنف في المستصفى: كل ما يحترق بالنار فيصير رمادا كالشجر أو ينطبع ويلين كالحديد فليس من جنس الأرض وما عدا ذلك فهو من جنس الأرض ا ه‍. فلا يجوز التيمم بالأشجار والزجاج المتخذ من الرمل وغيره والماء المنجمد والمعادن إلا أن تكون في محالها، فيجوز للتراب الذي عليها لا بها نفسها، واللؤلؤ وإن كان مسحوقا لأنه متولد من حيوان في البحر، والدقيق والرماد، ويجوز بالحجر والتراب والرمل والسبخة المنعقدة من الأرض دون الماء، والجص والنورة والكحل والزرنيخ والمغرة والكبيرت والفيروزج والعقيق والبلخش والزمرد والزبرجد. وفي
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست