البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٦٤
وتجويز أن يكون النبي عليه السلام نوى معه ما يصح معه التيمم خلاف الظاهر كما لا يخفى، ثم لا يخفى أن قولهم بجواز الصلاة بالتيمم لصلاة الجنازة محمول على ما إذا لم يكن واجدا للماء كما قيده في الخلاصة بالمسافر، أما إذ يتيمم لها مع وجوده لخوف الفوت فإن تيممه يبطل بفراغه منها. ومما تقدم علم أن نية التيمم لا تكفي لصحته على المذهب خلافا لما في النوادر، ولا اعتماد عليه بل المعتمد اشتراط نية مخصوصة هي ما قدمناه لكن لا دليل عليه لأن قوله تعالى * (فتيمموا صعيدا طيبا) * إنما يدل على قصد الصعيد المترتب عليه المسح فلا يكون موجبا غير النية المعتبرة. كذا في فتح القدير. ويمكن أن يقال: إن المراد قصد الصعيد لأجل الصلاة بقرينة قوله فلم تجدوا ففيه الانباء عن المشروط كما لا يخفى. ولا تشترط نية التمييز بين الحدث والجنابة حتى لو تيمم الجنب يريد به الوضوء أجزأ. هكذا روي عن محمد نصا كما نقله في التجنيس. وذكر الجصاص أنه لا حاجة إلى نية التطهير بل لا بد من التمييز لأن التيمم لهما يقع على صفة واحدة فيميز بالنية كصلوات الفرائض وليس بصحيح، لأن الحاجة إلى النية ليقع التيمم طهارة فإذا وقع طهارة جاز له أن يؤدي ما شاء لأن الشروط يراعى وجودها لا غير، ألا ترى أنه لو تيمم للعصر يجوز أداء الظهر به بخلاف الصلوات، كذا في الخبازية وغيرها. ولا يخفى أن قول محمد لو تيمم الجنب يريد به الوضوء معناه يريد به طهارة الوضوء لما علمت من اشتراط نية التطهير. وبما تقرر علم أن ما في القنية من قوله بقي على جسد الجنب لمعة ثم أحدث وتيمم لهما جاز وينوي لهما لأنه إذا نوى لأحدهما يبقى الآخر بلا نية مبني على قول أبي بكر الجصاص كما لا يخفى.
قوله: (فلغا تيمم كافر لا وضوءه) يعني فلأجل اشتراط النية المخصوصة في التيمم بطل تيمم كافر، ولعدم اشتراط النية في الوضوء لا يبطل وضوءه، أما الأول فلان الاسلام شرط وقوع التيمم صحيحا عند عامة العلماء وروي عن أبي يوسف إذا تيمم ينوي الاسلام جاز حتى لو أسلم لا يجوز له أن يصلي بذلك التيمم عند العامة، وعلى رواية أبي يوسف
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست