عنده لا يجب وإنما يجب عند الانقطاع. ونقل نظيره في المستصفى عن أستاذه وعلل له بأن الخروج منه مستلزم للحيض فقد وجد الاتصال بينهما فصحت الاستعارة. وفي غاية البيان: هذا والله عن عجائب الدنيا لأنه إذا كان الخروج ملزوما والحيض لازما يلزم أن يوجد الحيض عند وجود الخروج لاستحالة انفكاك اللازم عن الملزوم ووجد الحيض عند وجوده محال بمرة ا ه. أقول: ليس في هذا شئ من العجب وما العجب إلا فهم الكلام على وجه يتوجه عليه الاعتراض، ولو فهم أن الخروج من الحيض مستلزم لتقدم الحيض لا لنفس الحيض لاستغنى عن هذا الاعتراض. واستبعد الزيلعي كون الانقطاع سببا لأنه ليس فيه إلا الطهارة ومن المحال أن توجب الطهارة الطهارة وإنما توجبها النجاسة، ويدفع هذا الاستبعاد بأن الانقطاع نفسه ليس بطهر إنما الطهر الحالة المستمرة عقيبه ولو سلم، فلما كان الانقطاع لا بد منه في وجوب الغسل إذ لا فائدة في الغسل بدونه نسبت السببية إليه وإن كان السبب في الحقيقة خروج الدم. والحاصل أنهم اختلفوا هل الغسل يجب بخروج الدم بشرط الانقطاع أو يجب بنفس الانقطاع؟ ورجح بعضهم الثاني بأن الحيض اسم لدم مخصوص والجوهر لا يكون سببا للمعنى. والحق غير القولين بل إنما يجب بوجوب الصلاة كما قدمناه في الوضوء والغسل. وقد نقل الشيخ سراج الدين الهندي الاجماع على أنه لا يجب الوضوء على المحدث، والغسل على الجنب والحائض والنفساء قبل وجوب الصلاة أو إرادة ما لا يحل إلا به، فحينئذ لا فائدة لهذا الخلاف من جهة الاثم فإنهم اتفقوا على عدم الاثم قبل وجوب الصلاة، فظهر بهذا ضعف ما نقله في السراج الوهاج من أنه جعل فائدة الخلاف تظهر فيما إذا انقطع الدم طلوع الشمس وأخرت الغسل إلى وقت الظهر، فعند الكرخي وعامة العراقيين تأثم، وعند البخاريين لا تأثم. وعلى هذا الخلاف وجوب الوضوء فعند العراقيين يجب الوضوء للحدث وعند البخاريين للصلاة ا ه. وقد يقال: إن فائدته تظهر في التعاليق كأن يقول: إن وجب عليك غسل فأنت طالق. وقد ظهر لي فائدة أخرى وهي ما إذا استشهدت قبل انقطاع الدم فمن قال السبب نفس الحيض قال إنها تغسل لأن الشهادة لا ترفع ما وجب قبل الموت كالجنابة، ومن قال إن السبب انقطاعه قال لا تغسل لعدم وجوب الغسل قبل الموت، وقد صحح في الهداية في باب الشهيد أنها تغسل فكان تصحيحا لكون السبب الحيض كما لا يخفى. وأما دليل وجوب الغسل من الحيض والنفاس فالاجماع نقله صاحب البدائع من أئمتنا والنووي في شرح المهذب عن ابن المنذر وابن جرير الطبري واستدل بعضهم للحيض بقوله تعالى * (ولا تقربوهن حتى يطهرن) * (البقرة: 222) ووجه الدلالة أنه يلزمها تمكين الزوج من الوطئ ولا يجوز ذلك إلا بالغسل وما لا يتم
(١١٣)