البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٠٩
قوله: (وتواري حشفة في قبل أو دبر عليهما) أي فرض الغسل عند غيبوبة ما فوق الختان وكذلك غيبوبة مقدار الحشفة من مقطوعها في قبل امرأة يجامع مثلها أو دبر على الفاعل والمفعول به وإن لم ينزل، والتعبير بغيبوبة الحشفة أولى من التعبير بالتقاء الختانين لتناوله الايلاج في الدبر، ولان الثابت في الفرج محاذاتهما لا التقاؤهما لأن ختان الرجل هو موضع القطع وهو ما دون خرة الحشفة، وختان المرأة موضع قطع جلدة منها كعرف الديك فوق الفرج وذلك لأن مدخل الذكر هو مخرج المني والولد والحيض، وفوق مدخل الذكر مخرج البول كإحليل الرجل وبينهما جلدة رقيقة يقطع منها من الختان، فحصل أن ختان المرأة متسفل تحت مخرج البول وتحت مخرج البول مدخل الذكر، فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حاذى ختانه ولكن يقال لموضع ختان المرأة الخفاض، فذكر الختانين بطريق التغليب، قيد بالتواري لأن مجرد التلاقي لا يوجب الغسل ولكن ينقض الوضوء على الخلاف المتقدم، وقيدنا بكونه في قبل امرأة لأن التواري في فرج البهيمة لا يوجب الغسل إلا بالانزال، وقيدنا بكونها يجامع مثلها لأن التواري في الميتة والصغيرة لا يوجب الغسل إلا بالانزال، وقد تقدم الدليل من السنة والاجماع على وجوب الغسل بالايلاج وإن لم يكن معه إنزال وهو بعمومه يشمل الصغيرة والبهيمة وإليه ذهب الشافعي لكن أصحابنا رضي الله عنهم منعوه إلا أن ينزل لأن وصف الجنابة متوقف على خروج المني ظاهرا أو حكما عند كمال سببه مع خفاء خروجه لقلته وتكسله في المجرى لضعف الدفق بعدم بلوغ الشهوة منتهاها كما يجده المجامع في أثناء الجماع من اللذة بمقاربة المزايلة، فيجب حينئذ إقامة السبب مقامه وهذا علة كون الايلاج فيه الغسل فتعدى الحكم إلى الايلاج في الدبر وعلى الملاط به إذ ربما يتلذذ فينزل، ويخفى لما قلنا. وأخرجوا ما ذكرنا لكنه يستلزم تخصيص النص بالمعنى ابتداء كذا في فتح القدير.
وحاصله أن الموجب إنزال المني حقيقة أو تقديرا عند كمال سببه، وفيما ذكرناه لم يوجد حقيقة ولا تقدير النقصان سببه لكن هذا يستلزم تخصيص النص بالمعنى ابتداء والعام لا
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست