يخصص بالمعنى ابتداء عندنا فيحتاج أئمتنا إلى الجواب عن هذا ويحتاجوا أيضا إلى الجواب عما ذكره النووي في شرح المهذب بأنه ينتقض بوطئ العجوز الشوهاء المتناهية في القبح العمياء البرصاء المقطعة الأطراف فإنه يوجب الغسل بالاتفاق مع أنه لا يقصد به لذة في العادة، ولم أجد عن هذين الايرادين جوابا وقد ظهر لي في الجواب عن الأول أن هذا ليس تخصيصا للنص بالمعنى ابتداء وبيانه يحتاج إلى مزيد كشف فأقول وبالله التوفيق:
إنه قد ورد حديثان ظاهرهما التعارض: الأول الماء من الماء ومقتضاه أن الغسل لا يجب بالتقاء الختانين من غير إنزال فإن الماء اسم جنس محلى بلام الاستغراق فمعناه جميع الاغتسال من المني فيما يتعلق بعين الماء لا مطلقا لوجوبه بالحيض والنفاس. والثاني حديث إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ومقتضاه عموم وجوب الغسل بغيبوبة الحشفة من غير إنزال فيشمل الصغيرة والبهيمة والميتة فيعارض الأول وإذا أمكن العمل بهما وجب فقال علماؤنا: أن الموجب للغسل هو إنزال المني كما أفاده الحديث الأول لكن المني تارة يوجد حقيقة وتارة يوجد حكما عند كمال سببه وهو غيبوبة الحشفة في محل يشتهى عادة مع خفاء خروجه ولو كان في الدبر لكمال السببية فيه لأنه سبب لخروج المني غالبا كالايلاج في القبل لاشتراكهما لينا وحرارة وشهوة حتى إن الفسقة اللوطة رجحوا قضاء الشهوة من الدبر على قضائها من القبل ومنه خبرا عن قوم لوط * (لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وأنك لتعلم ما نريد) * (هود: 79) وفي الصغيرة ونحوها لم يكن الايلاج سببا كاملا لانزال المني لعدم الداعية إليه فلم يوجد إنزال المني حقيقة ولا تقديرا. فلو قلنا بالوجوب من غير إنزال لكان فيه ترك العمل بالحديث أصلا وهو لا يجوز فكان هذا منا