البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١١٥
رقيق يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه وهو أغلب في النساء من الرجال. وفي بعض الشروح أن ما يخرج من المرأة عند الشهوة يسمى القذي بمفتوحتين. والودي بإسكان الدال المهملة وتخفيف الياء ولا يجوز عند جمهور أهل اللغة غير هذا، وحكى الجوهري في الصحاح عن الأموي أنه قال بتشديد الياء، وحكى صاحب مطالع الأنوار لغة أنه بالذال المعجمة وهذان شاذان. يقال ودي بتخفيف الدال وأودي وودي بالتشديد والأول أفصح، وهو ماء أبيض كدر ثخين يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدورة ولا رائحة له، ويخرج عقيب البول إذا كانت الطبيعة مستمسكة وعند حمل شئ ثقيل ويخرج قطرة أو قطرتين ونحوهما، وأجمع العلماء أنه لا يجب الغسل بخروج المذي والودي. كذا في شرح المهذب. وإذا لم يجب بهما الغسل وجب بهما الوضوء. وفي المذي حديث علي المشهور الصحيح الثابت في البخاري ومسلم وغيرهما. فإن قيل: ما فائدة إيجاب الوضوء بالودي وقد وجب بالبول السابق عليه؟ قلنا عن ذلك أجوبة: أحدها فائدته فيمن به سلس البول فإن الودي ينقض وضوءه دون البول. ثانيها فيمن توضأ عقب البول قبل خروج الودي ثم خرج الودي فيجب به الوضوء. ثالثها يجب الوضوء لو تصور الانتقاض به كما فرع أبو حنيفة مسائل المزارعة لو كان يقول بجوازها قال في الغاية وفيه ضعف. ورابعها الودي ما يخرج بعد الاغتسال من الجماع وبعد البول وهو شئ لزج، كذا فسره في الخزانة والتبيين، فالاشكال إنما يرد على من اقتصر في تفسيره على ما يخرج بعد البول. خامسها أن وجوب الوضوء بالبول لا ينافي الوجوب بالودي بعده ويقع الوضوء عنهما حتى لو حلف لا يتوضأ من رعاف فرعف ثم بال أو عكسه فتوضأ فالوضوء منهما فيحنث، وكذا لو حلفت لا تغتسل من جنابة أو حيض فجامعها زوجها وحاضت فاغتسلت فهو منهما وتحنث وهذا ظاهر الرواية. وقال الجرجاني: الطهارة من الأول دون الثاني مطلقا. وقال الهندواني: إن اتحد الجنس كأن بال ثم بال فالوضوء الأول، وإن اختلف كأن بال ثم رعف فالوضوء منهما ذكره في الذخيرة. وقد رجح المحقق في فتح القدير تبعا للآمدي قول الجرجاني لأن الناقض يثبت الحدث، ثم تجب إزالته عند وجود شروطه وهو أمر واحد لا تعدد في أسبابه فالثابت بكل سبب هو الثابت بالآخر إذ لا دليل يوجب خلاف ذلك فالناقض الأول لما أثبت الحدث لم يعمل الثاني شيئا لاستحالة تحصيل الحاصل. نعم لو وقعت الأسباب دفعة أضيف ثبوته إلى كلها ولا ينفي ذلك كون كل علة مستقلة لأن معنى الاستقلال كون الوصف بحيث لو انفرد أثر هذه الحيثية ثابتة لكل في حال الاجتماع، وهذا أمر معقول يجب قبوله والحق أحق أن يتبع ويجب حمله على الحكم بتعدد الحكم هنا ولا يستلزم أن يقال به كل موضع لأنه يرفع وقوع تعدد العلل بحكم واحد وهم في الأصول يثبتونه.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست