وزفر كما نقله في معراج الدراية وفي الذخيرة وهو مختار بعض المشايخ، واستدل في الهداية لنا بقوله تعالى * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * (المائدة: 6) وهو في اللغة اسم لمن قضى شهوته فكان وجوب الاغتسال معلقا بالجنابة لا بخروج المني، وأورد على هذا أن ظاهره الاستدلال بمفهوم الشرط ولم يجب عنه. وقد يقال: ليس هذا استدلالا بمفهوم الشرط بل لما كان الحكم معلقا بشرط ولم يوجد كان الحكم معدوما بالعدم الأصلي لا أن عدم الشرط أوجب عدم الحكم، وهذا لا يخفى على من اشتغل بأصول أصحابنا. قال في التنقيح: وعندنا العدم لا يثبت بالتعليق بل يبقى الحكم على العدم الأصلي. وأجاب في الهداية عن الحديث بأنه محمول على الخروج عن شهوة. قال الشارحون: وإنما حمل على هذا لأن العام إذا لم يمكن إجراؤه على المسموم يراد أخص الخصوص لتيقنه وهنا يمتنع إجراؤه على العموم لأنه لا يجب الغسل بإنزال المذي والودي والبول بالاجماع والانزال عن شهوة مراد بالاجماع فلا يكون غيره وهو إنزال المني لا عن شهوة مرادا، ولا يخفى أن هذا المسلك لو صح لكان أوفق بقول أبي يوسف لأن أخص الخصوص الذي أريد بالاجماع ما يكون عن شهوة عند الخروج والانفصال جميعا، فالأولى ما قدمناه من أنه منسوخ أو محمول على صورة الاحتلام. ولما كان ما ذكرناه واردا عدل. والله أعلم - عن طريقة الشارحين في فتح القدير فقال: والحديث محمول على الخروج عن شهوة لأن اللام للعهد الذهني أي الماء المعهود والذي به عهدهم هو الخارج عن شهوة، كيف وربما يأتي على أكثر الناس جميع عمره ولا يرى هذا الماء مجردا عنها على أن كون المني يكون عن غير شهوة ممنوع فإن عائشة أخذت في تفسيرها إياه الشهوة على ما روى ابن المنذر أن المني هو الماء الأعظم الذي منه الشهوة وفيه الغسل، وكذا عن قتادة وعكرمة، فلا يتصور مني إلا من خروجه عن شهوة وإلا يفسد الضابط. ثم اتفق أصحاب المذهب أنه لا يجب الغسل إذا انفصل عن مقره من الصلب بشهوة إلا إذا خرج على رأس الذكر، وإنما الخلاف في أنه هل يشترط مقارنة الشهوة الخروج؟ فعند أبي يوسف نعم، وعندهما لا. وقد أشار إلى اختيار قولهما بقوله عند انفصاله أي فرض الغسل عند خروج مني موصوف بالدفق والشهوة عند الانفصال عن محله عندهما. وجه قول أبي يوسف أن وجوب الغسل متعلق بانفصال المني وخروجه وقد شرطت الشهوة عند انفصاله فتشترط عند خروجه، ولهما أن
(١٠٢)