البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٢٤
إن كان هذا زيادة بيان لبلاغته في الطهارة كان سديدا ويعضده قوله تعالى * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * (الأنفال: 11) وإلا فليس فعول من التفعيل في شئ وقياسه على ما هو مشتق من الافعال المتعدية كقطوع ومنوع غير سديد.
والطهور يجئ صفة نحو ماء طهورا، واسما لما يتطهر به كالوضوء اسم لما يتوضأ به، ومصدرا نحو تطهرت طهورا حسنا ومنه قوله لا صلاة إلا بطهور أي طهارة فإذا كان بمعنى ما يتطهر به صح الاستدلال ولا يحتاج أن يجعل بمعنى المطهر حيث يلزم جعل اللازم متعديا. كذا قرره بعض الشارحين وفيه بحث من وجوه: الأول أن الله تعالى وصف شراب أهل الجنة بأعلى الصفات وهو التطهير. والثاني أن جريرا قصد تفضيلهن على سائر النساء فوصف ريقهن بأنه مطهر يتطهر به لكمالهن وطيب ريقهن وامتيازه على غيره، ولا يحمل على طاهر لأنه لا مزية لهن في ذلك فإن كل النساء ريقهن طاهر بل كل حيوان طاهر اللحم كذلك كالإبل والبقر. الثالث أن قوله ولا تكون تلك المبالغة في طهارة الماء إلا باعتبار التطهير قد يمنع أن المبالغة فيه باعتبار كثرته وجودته في نفسه لا باعتبار التطهير. والمراد بماء السماء ماء المطر والندى والثلج والبرد إذا كان متقاطرا. وعن أبي يوسف: يجوز وإن لم يكن متقاطرا والصحيح قولهما، وقد استدل على جواز الطهارة بماء الثلج والبرد بما ثبت في
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست