المبسوط - السرخسي - ج ٢٩ - الصفحة ٤٩
فيقال لهم وللموهوب له ادفعوه أو افدوه أي ذلك فعلوا رجع ورثة المولى على الموهوب له بثلثي قيمته لان ثلثي العبد استحق من يدهم بجناية كانت عند الموهوب له وقد كان الموهوب له قبضه لنفسه على وجه التملك فكان مضمونا عليه فإذا لم يسلم الرد جعل كأنه هلك في يده فترجع ورثة المولي عليه بثلثي قيمته وقد كانوا يستفيدون البراءة بدفعه فكانوا مختارين في التزامه الزيادة باختيار الفداء فلا يرجعون الا بالأقل بمنزلة العبد المغصوب يجنى ثم يرده الغاصب على المغصوب منه فيدفعه بالجناية أو يفديه ولو أعتقه الموهوب له قبل أن يرد ثلثيه إلى الورثة نفذ عتقه لأنه تملك العبد كله بالقبض فبقي ملكه ما بقي القبض وأن وجوب رد الثلثين على الورثة لفساد الهبة فيه واشتغاله بحق ولى الجناية لا يمنع نفوذ عتق المولى فيه ثم إن كان يعلم بالجناية فعليه كمال الدية لولي الجناية وثلثا قيمته لورثة المولى لان رد الثلثين عليهم كان مستحقا على الموهوب له وقد تعذر الرد باعتاقه فعليه رد ثلثي قيمته وإن لم يعلم بالجناية فعليه قيمته لولى الجناية لان ملكه تقرر في جميعه وقد صار مستهلكا رقبته علي رد الجناية على وجه لم يصر مختارا فيجب عليه قيمته لولى الجناية وثلثا قيمته لورثة المولى لما بينا * ولو كان العبد قتل الواهب قيل للموهوب له ادفعه إلى ورثة المولى أو افده فان اختار الدفع دفعه كله فيكون نصفه بالجناية ونصفه لهم بنقض الهبة لان الهبة إنما تصح في ثلث العبد ثم يدفع ذلك الثلث بالجناية فيزداد مال الواهب بسهم فنطرح من أصل حق ورثة الواهب سهما يبقى له سهم وللموهوب له سهم فكان العبد سهمين تجوز الهبة في أحدهما ثم يدفع ذلك بالجناية فيسلم لورثة الواهب سهمان وقد نفذنا الوصية في سهم فاستقام الثلث والثلثان وظهر بهذا أن الميت إنما ترك عبدا ونصف عبد في الحكم فثلث ذلك يكون نصف عبد فلهذا جوزنا الهبة في نصف عبد وهي مسألة كتاب الهبة * وان اختار الفداء جازت الهبة في جميع العبد لأنه يفديه بالدية عشرة آلاف فيكون مال الواهب أحد عشر ألفا وقيمة العبد ألف درهم وهو دون الثلث فلهذا جازت الهبة في جميعه فان أعتقه بعد ما قتل المولى فإن كان يعلم بالجناية كان مختارا للفداء فيغرم عشرة آلاف وتبين أن الهبة صحت في جميعه وإن لم يعلم فعليه قيمته وثلث قيمته للورثة لان ملكه تقرر فيه بالاعتاق فكان عليه قيمته باستهلاك العبد الموهوب وقيمته بالجناية لأنه صار مستهلكا رقبته على ولى الجناية فتبين أن مال الميت قيمتان فإنما تجوز الهبة في ثلث ذلك فيسلم له ثلثا قيمته وثلث قيمته للورثة فان قيل لما غرم قيمته بالاستهلاك قامت القيمة مقام العين
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الوصية بأكثر من الثلث لوارث فيجيز ذلك بعض الورثة 2
2 باب الوصية في المال ينقص أو يزيد بعد موت الموصى 13
3 باب الرجل يموت وليس له وارث فيقر لوارث له أو لوصي بمال 18
4 كتاب العتق في المرض 22
5 باب عتق أحد العبدين 34
6 باب السلم في المرض 38
7 باب هبة أحد الزوجين لصاحبه 40
8 باب الرجل يهب العبد في مرضه فيجني على سيده أو غيره 48
9 باب السلم في المرض وبيع المكيل بمثله من المكيل ووزنه بمحاباة 54
10 باب الإقالة في السلم والبيع في المرض 55
11 باب السلم في المرض وله على الناس ديون 58
12 باب بيع المكيل بمثله من المكيل 59
13 باب العفو عن الجناية في المرض 60
14 باب قتل العبد الموهوب له والواهب أو غيره 62
15 باب العتق في المرض 71
16 باب السلم في المرض 78
17 باب السلم في المرض السلم اليه 83
18 باب هبة المريض العبد يقتله خطأ ويعفو عنه 85
19 كتاب الدور 91
20 باب العفو والوصية 105
21 كتاب الفرائض 136
22 باب الأولاد 138
23 باب التشبيه في ميراث الأولاد 149
24 باب الاخوة والأخوات 151
25 باب العول 160
26 باب الجدات 165
27 باب فصل التشبيه في الجدات 172
28 باب أصحاب الميراث 174
29 باب فرائض الجد 179
30 باب الرد 192
31 باب ولد الملاعنة 198
32 باب أصول المقاسمة 200