وأم الأب إذا اجتمعتا كان الميراث بينهما ولو كان كما قاله زيد من زيادة قوة الأمومة لوجب أن يكون الميراث لأم الأم دون أم الأب * وأما الفصل الرابع وهو الكلام في الحجب فنقول الأم تحجب الجدات أجمع بالاتفاق سواء كانت من قبلها أو من قبل الأب لما روي أن النبي عليه السلام أطعم الجدة السدس حين لم يكن هناك أم ففي هذا إشارة إلى أنها لا ترث مع الأم وفى رواية بلال بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس حين لم يكن هناك أم دونها فهذا يفيد ما أفاده الأول وزيادة وهو ان البعدي لا ترث مع القربى فان قوله أم دونها إشارة إلى ذلك والمعنى فيه أن الجدة ترث بالأمومة وفرض الأمهات معلوم بالنص وقد استحقت الأم ذلك فلا يبقي لاحد من الجدات شئ من فرض الأمهات ولا تثبت المزاحمة بين شئ من الجدات وبين الأم لان الجدة التي من قبلها تدلى بها وترث بمثل سببها فلا تزاحمها كما لا يزاحم الجد الأب والتي من قبل الأب وان كانت لا تدلي بها فهي لا تزاحمها في فريضتها لكونها أقرب إلى الميت هنا وهي بمنزلة ابنة الابن مع الابنتين فان فرض البنات لما صار مستحقا للابنتين لم يكن لابنة الابن معهما مزاحمة ولا شئ من الميراث بالفريضة وان كانت لا تدلي بهما إنما تدلى بالابن * واختلفوا في حجب الجدة بالأب بعد ما اتفقوا أن الجدة من قبل الأم لا تصير محجوبة بالأب لأنها تدلى به ولا ترث بمثل نسبه فهي ترث بالأمومة وهو بالأبوة والعصوبة واختلفوا في الجدة التي من قبله فقال على وزيد وأبى ابن كعب وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم لا ترث أم الأب مع الأب شيئا وهو اختيار الشعبي وطاووس وهو مذهب علماؤنا رحمهم الله وقال عمر وابن مسعود وأبو موسى الأشعري وعمر بن الحصين ترث أم الأب مع الأب وهو اختيار شريح وابن سيرين وبه أخذ مالك والشافعي واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس وابنها حي وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أم حسكة رضي الله عنها السدس من أبى حسكة وحسكة حي والمعنى فيه ما بينا ان ارث الجدات ليس باعتبار الادلاء فالإدلاء بالأنثى لا يؤثر في استحقاق شئ من فريضتها ولا في القيام مقامها في التوريث بمثل سببها كالبنات والأخوات ولكن الاستحقاق باسم الجدة في هذا الاسم أم الأم وأم الأب سواء فإذا كان الأب لا يحجب أم الأم فكذلك لا يحجب أم الأب إذ لا فرق بينهما الا في معنى الادلاء والاستحقاق ليس بالإدلاء ولو كان الأب ممن يحجب شيئا من الجدات لاستوى في
(١٦٩)