المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٤٦
ولا يباح الاقدام على القتل في حالة الاكراه فيه يتبين عظم حرمة المؤمن عند الله تعالى وهو مراد ابن عباس رضي الله عنه إنما التقية باللسان ليس باليد يعنى القتل والتقية باللسان هو اجراء كلمة الكفر مكرها وعن حذيفة رضي الله عنه قال فتنة السوط أشد من فتنة السيف قالوا له وكيف ذلك قال إن الرجل ليضرب بالسوط حتى يركب الخشب يعنى الذي يراد صلبه يضرب بالسوط حتى يصعد السلم وإن كان يعلم ما يراد به إذا صعد وفيه دليل ان الاكراه كما يتحقق بالتهديد بالقتل يتحقق بالتهديد بالضرب الذي يخاف منه التلف والمراد بالفتنة العذاب قال الله تعالى ذوقوا فتنتكم وقال الله تعالى ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات أي عذبوهم فمعناه عذاب السوط أشد من عذاب السيف لان الألم في القتل بالسيف يكون في ساعته وتوالى الألم في الضرب بالسوط إلى أن يكون آخر الموت وقد كان حذيفة رضي الله عنه ممن يستعمل التقية على ما روى أنه يدارى رجلا فقيل له انك منافق فقال لا ولكني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله وقد ابتلى ببعض ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روى أن المشركين أخذوه واستحلفوه على أن لا ينصر رسول الله في غزوه فلما تخلص منهم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك فقال عليه الصلاة والسلام أوف لهم بعهدهم ونحن نستعين بالله عليهم وذكر عن مسروق رحمه الله قال بعث معاوية رضي الله عنه بتماثيل من صفر تباع بأرض الهند فمر بها على مسروق رحمه الله قال والله لو أنى أعلم أنه يقتلني لغرقتها ولكني أخاف أن يعذبني فيفتنني والله لا أدرى أي الرجلين معاوية رجل قد زين له سوء عمله أو رجل قد يئس من الآخرة فهو يتمتع في الدنيا وقيل هذه تماثيل كانت أصيبت في الغنيمة فأمر معاوية رضي الله عنه ببيعها بأرض الهند ليتخذ بها الأسلحة والكراع للغزاة فيكون دليلا لأبي حنفية رحمه الله في جواز بيع الصنم والصليب ممن يعبده كما هو طريقة القياس وقد استعظم ذلك مسروق رحمه الله كما هو طريق الاستحسان الذي ذهب إليه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله في كراهة ذلك ومسروق من علماء التابعين وكان يزاحم الصحابة رضي الله عنهم في الفتوى وقد رجع ابن عباس إلى قوله في مسألة النذر بذبح الولد ولكن مع هذا قول معاوية رضي الله عنه مقدم على قوله وقد كانوا في المجتهدات يلحق بعضهم الوعيد بالبعض كما قال علي رضي الله عنه من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الحد يعنى بقول زيد رضي الله عنه وإنما قلنا هذا لأنه لا يظن بمسروق رحمه الله أنه قال في
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156