المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٢١
لا شهادة لمتهم ولأنه خبر محتمل للصدق والكذب فإنما يكون حجة إذا ترجح جانب الصدق فيه وعند ظهور سبب التهمة لا يترجح جانب الصدق ثم التهمة تارة تكون لمعنى في الشاهد وهو الفسق لأنه لما لم ينزجر عن ارتكاب محظور دينه مع اعتقاد حرمته متهم بأنه لا ينزجر عن شهادة الزور وقد بينا أن العدالة شرط للعمل بالشهادة والعدالة هي الاستقامة وذلك بالاسلام واعتدال العقل ولكن يعارضهما هوى يضله أو يصده وليس لهذا الاستقامة حد يوقف على معرفته لأنه بمشيئة الله تعالى تتفاوت أحوال الناس فيها فجعل الحد في ذلك مالا يلحق الحرج في الوقوف عليه وقيل كل من ارتكب كبيرة يستوجب بها عقوبة مقدرة فهو لا يكون عدلا في شهادته ففي غير الكبائر إذا أصر على ارتكاب شئ مما هو حرام في دينه يخرج من أن يكون عدلا وان ابتلى بشئ من غير الكبائر ولم يظهر منه الاصرار على ذلك فهو عدل في الشهادة لأنه إذا أصر على ذلك فقد أظهر رجحان الهوى والشهوة على ما هو المانع وهو عقله ودينه وإذا ابتلى بذلك من غير اصرار عليه فإنما ظهر رجحان دينه وعقله على الهوى والشهوة وقد تكون التهمة لمعنى في المشهود له وهو وصله خاصة بينه وبين الشاهد يدل على ايثاره على المشهود عليه وذلك شئ يعرف بالعادة فقد ظهر من عادة الناس العدول منهم وغير العدول الميل إلى الأقارب وأبنائهم على الأجانب فتتمكن تهمة الكذب بهذا الطريق في الشهادة وقد يكون ذلك في الشاهد لا يقدح في عدالته وولايته وهو العمى فليس للأعمى آلة التمييز بين الناس حقيقة وذلك تمكن تهمة الغلط في الشهادة وتهمة الغلط وتهمة الكذب سواء وقد تكون تهمة الكذب مع قيام العدالة بدليل شرعي وهو في حق المحدود في القذف بعد التوبة فقد جعل الله تعالى عجزه عن الاتيان بأربعة من الشهداء دليل كذبه بقوله عز وجل فإذا لم يأتوا بالشهداء فاؤلئك عند الله هم الكاذبون * إذا عرفنا هذا فنقول ذكر عن شريح رحمه الله قال لا تجوز شهادة الوالد لولده والولد لوالده ولا المرأة لزوجها ولا الزوج للمرأة ولا العبد لسيده وبذلك نأخذ ويخالفنا في الولد والوالد مالك رحمه الله فهو يجوز شهادة كل واحد منهما لصاحبه بالقياس على شهادة كل واحد منهما على صاحبه وهذا لان دليل رجحان الصدق في خبره انزجاره عما يعتقد حرمته ولا فرق في هذا بين الأجانب والأقارب وحرمة شهادة الزور بسبب الدين يتناول الموضعين ولهذا قبلت شهادة الأخ لأخيه فكذلك شهادة الوالد لولده ولا معتبر بالميل إليه طبعا بعدما قام دليل الزجر شرعا ولكنا نستدل
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست