المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٧٤
لا يثبت الا باقرار الراهن أنه مرهون عندك بالدين فان بدون هذا القول إذا قبضه المرتهن بغير إذن الراهن فهو غاصب وإذا سلمه الراهن إليه فهو مودع فعرفنا أن حكمه لا يثبت الا باقرار الراهن فباعتبار حكمه جعلناه كالأقوال وجعل شهادة الشاهدين على المعاينة فيه وشهادتهما على الاقرار به سواء فكما أن في الشهادة على الاقرار اختلافهما في الوقت والزمان لا يمنع العمل بشهادتهما فكذلك في الشهادة على المعاينة. وإذا طلب الرجل شفعة في دار وأقام شاهدين على الشراء واختلفا في الثمن أو في البائع فشهادتهما باطلة لاختلافهما في المشهود به لان المدعى مكذب أحدهما لا محالة ولو اتفقا على الاقرار بالشراء من واحد بمال واختلفا فقال إحداهما كنا جميعا في مكان كذا وقال الآخر كنا فرادى أو قال أحدهما كنا في البيت وقال الآخر في المسجد أو قال أحدهما كان ذلك بالغداة وقال الآخر كان بالعشي فشهادتهما جائزة لأنهما اتفقا في المشهود به وهو الاقرار واختلفا فيما لم يكلما حفظه وفعله في الوقت والمكان فلا يقدح ذلك في شهادتهما كما لو اختلفا في الثياب التي كانت عليهما أو المراكب أو فيمن حضرهما وبيان الوصف انهما لو سكتا عن بيان الوقت والمكان والوصف لم يسألهما القاضي عن ذلك ولو سألهما فقالا لا نحفظ ذلك لا تبطل شهادتهما ثم ذكر بعض مسائل أدب القاضي وروي فيه حديث الشعبي رحمه الله في كتاب عمر إلى معاوية رضي الله عنهما في القضاء وقد تقدم بيان ذلك في آداب القاضي وذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من الحزم أن يستشير أولى الرأي ثم يطيعهم وفيه دليل أنه لا ينبغي للقاضي أن يترك الاستشارة وكذلك غير القاضي إذا حزبه أمر فالمشورة تلقيح للعقول وقد قال صلى الله عليه وسلم ما هلك امرؤ عن مشورة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه رضي الله عنهم في كل شئ حتى في قوت أهله وإدامهم وفيه دليل على أنه إنما استشار أولي الرأي الكامل ويتحرز عن مشورة ناقصات العقل من النسوان وان من استشار أولى الرأي الكامل من الرجال فعليه أن يطيعهم إذا لم يتهمهم فيما أشاروا عليه لان فائدة المشهورة لا تظهر الا بالطاعة وإذا شهد شاهدان أن فلانا أقر أن هذا الثوب ثوب فلان وهو في يده وشهد آخر أن فلانا الذي شهدا له أقر بها لفلان الذي شهد عليه فهو لذي اليد لان البينتين تعارضتا في الاقرار فيها رأيا كما لو عاين الاقرارين ويبقى الثوب في يد ذي اليد مستحقا له بيده وإن كان في يدهما فهو بينهما نصفان لاستوائهما في استحقاقه باليد. دار بين رجلين فأقام كل واحد منهما البينة
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست