هذا الكلام) أن علة الاستحقاق أصل الملك لا قدر الملك. ألا ترى أن صاحب الكثير لو باع نصيبه كان لصاحب القليل أن يأخذ الكل بالشفعة كما لو باع صاحب القليل نصيبه كان لصاحب الكثير أن يأخذ جميع المبيع فملك كل جزء علة تامة لاستحقاق المبيع بالشفعة فإذا اجتمع في حق صاحب الكثير علل وفي حق صاحب القليل علة واحدة والمساواة لا تتحقق بين العلة الواحدة والعلل ألا ترى ان أحد المدعيين لو أقام شاهدين وأقام الآخر عشرة من الشهداء تثبت المعارضة والمشاركة بينهما. وكذلك لو أن رجلا جرح رجلا جراحة واحدة وجرحه آخر جراحات فمات من ذلك استويا في حكم ذلك القتل وهذا لان الترجيح بقوة العلة لا بكثرة العلة وعند ظهور العلة الترجيح المرجوع مدفوع بالراجح وهنا لا يبطل حق صاحب القليل أصلا فعرفنا أنه لا ترجيح في جانبه من حيث قوة العلة وكثرة العلة لا توجب الترجيح لان ما يصلح بانفراده علة لا يصلح مرجحا وملك كل جزء بانفراده علة فمن هذا الطريق تتحقق المساواة بينهما بخلاف الغرماء في التركة فان حق كل واحد منهم في دينه في ذمة المديون ألا ترى أن عند الانفراد لا يستحق من التركة الا قدر دينه فإذا ظهر التفاوت بينهما في مقدار الدين وعليه يترتب استحقاق التركة قلنا كل واحد منهم يستحق بقدر دينه وكذلك الربح فإنه إنما يحصل بقدر المال ألا ترى ان عند الانفراد يحصل الربح لكل واحد منهما بقدر ماله وكذلك الولد واللبن والثمار فإنهما متولدة من العين فإنما تتولد بقدر الملك والشافعي رحمه الله غلط في اعتبار حكم العلة بالمتولد من العلة وقسمة الحكم على اجزاء العلة فاما الحائط المائل إذا مات من وقع عليه الحائط فان جرحه الحائط فالضمان عليهما نصفين لاستوائهما في العلة وان مات بنقل الحائط فالضمان عليهما أثلاثا لان التساوي بينهما في العلة لم يوجد فان نقل نصيب صاحب القليل لا يكون كنقل نصيب صاحب الكثير ولا يدخل على شئ مما ذكرنا الفارس مع الراجل في الغنيمة لان تفصيل الفارس بفرسه حكم عرف شرعا بخلاف القياس مع أن الفرس بانفراده لا يكون علة للاستحقاق فيصلح مرجحا في استحقاق بعض الغنيمة وهنا ملك كل جزء علة كاملة لاستحقاق الجميع فلا تصلح مرجحة * ولا شفعة الا في الأرضين والدور لأنها عرفت شرعا وقد نص الشرع على الشفعة في العقار خاصة لقوله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل عقار أو ربع والصغير كالكبير في استحقاق الشفعة الا على قول ابن أبي ليلى فإنه كان يقول لا شفعة للصغير لان وجوبها لدفع التأذي بسوء المجاورة
(٩٨)