الله عليه وسلم فاستنشدني من أشعار الجاهلية فكلما أنشدت شيئا قال صلى الله عليه وسلم ايه حتى أنشدت مائة بيت وأهل الحديث يرون حديثه هذا في الشفعة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أرض بيعت ليس لأحد فيها شركة ولا قسم الا الجوار فقال صلى الله عليه وسلم الجار أحق بشفعته ما كان فهذا يدل على أن المراد حقيقته لأنه نفى الشركة في السؤال وأثبت الجوار فقال صلى الله عليه وسلم ما كان وله معنيان أحدهما أن المراد من كان فان ما تذكر بمعنى من قال الله تعالى والسماء وما بناها فهو دليل على أن الشفعة للذكر والأنثى والحر والمملوك والصغير والكبير والمسلم والذمي والثاني أن المراد بقوله ما كان أي ما كان أي يحتمل القسمة أو لا يحتمل القسمة فيكون دليلا لنا على الشافعي حيث يقول لا تثبت الشفعة الا فيما يحتمل القسمة وبظاهره يستدل من أوجب الشفعة في بعض المنقولات كالسفن ونحوها وهو قول أصحاب الظواهر ولكن ما روينا من قوله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ربع أو عقار تبين أن المراد بقوله ما كان العقار دون المنقول وعن شريح انه قضى للنصراني بالشفعة وكتب في ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأجازها وبهذا نأخذ دون ما رواه بعد هذا عن شريح أنه قال لا شفعة ليهودي ولا لنصراني ولا لمجوسي وبقوله الثاني كان يأخذ ابن أبي ليلى فيقول الاخذ بالشفعة رفق شرعي فلا يثبت لمن هو منكر لهذه الشريعة ولكنا نأخذ بما قضي به شريح فقد تأيد ذلك بإمضاء عمر رضي الله عنه ثم أهل الذمة التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع إلى المعاملات والاخذ بالشفعة من المعاملات وهو مشروع لدفع الضرر والضرر مدفوع عنهم كما هو مدفوع عن المسلمين وعن الحسن رضي الله عنه قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة والجوار وفي بعض الروايات بالجوار وهو دليل لنا على استحقاق الشفعة بسبب الجوار فأما معنى اللفظ الاخر أن الجار كان منازعا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالجوار وبالشفعة فهو دليل على أن الجوار يستحق به الشفعة حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الخصومة فقضي به وبالشفعة وعن الحسن قال إذا اقتسم القوم الأرضين ورفعوا سربا بينهم فهم شفعاء وبه نأخذ فنقول الشركة في السرب تستحق به الشفعة لأنها شركة في حقوق المبيع فيثبت باعتباره حق الشفعة كالشركة في نفس المبيع لان الحاجة إلى دفع الضرر البادي لسوء المجاورة يتحقق في الموضعين جميعا وعن شريح قال الشفعة بالأبواب فأقرب الأبواب إلى الدار أحق بالشفعة ولسنا نأخذ بهذا وإنما الشفعة عندنا
(٩٣)