المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٠١
على أن البينة بينة المولى القديم ولم يذكر فيه قول أبى يوسف لما بينهما من الوحشة حين نص السير ولئن سلمنا فهناك العمل بالبينتين غير ممكن في حق المولى القديم لأن الشراء الثاني ناسخ للأول فصرنا إلى الترجيح بالزيادة لهذا والطريقة التي حكاها أبو يوسف ان بينة الشفيع ملزمة وبينة المشتري غير ملزمة والبينتان للالزام فالملزم من البينتين يترجح كما في بينة العبد مع بينة المولى في مسألة التعليق * وبيان هذا انه إذا قبلت بينة الشفيع وجب على المشتري تسليم الدار إليه بألف شاء أو أبى وإذا قبلت بينة المشتري لا يجب على الشفيع شئ ولكنه يتخير بين أن يأخذ أو يترك وبه فارق بينة البائع والمشترى لان كل واحدة من البينتين هناك ملزمة وكذلك بينة الوكيل مع الموكل كل واحدة منهما ملزمة فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة وفي مسألة المشترى مع العبد من العدو ويقول على هذه الطريقة البينة بينة المولى القديم لأنها ملزمة وبينة المشترى غير ملزمة وإذا أخذ الشفيع الدار من المشترى فعهدته وضمان ماله على المشتري لأنه يتملك الدار عليه ويدفع الثمن إليه فهو في حقه بمنزلة البائع مع المشترى * فان قيل حق الشفيع مقدم على حق المشتري شرعا فينبغي أن يجعل أخذ الشفيع من يده بمنزلة الاستحقاق عليه لأنه يأخذ بحق مقدم على حقه * قلنا نعم حقه مقدم ولكن ثبوت حقه بالسبب الذي يثبت به حق المشتري وهو الشراء إذ بأخذه لا يبطل ذلك السبب بخلاف الاستحقاق بدعوى الملك فإذا بقي السبب وتأكد بقبض المشترى لم يمكن أن يجعل الشفيع متملكا على البائع لأنه لا ملك له ولا يد حتى قضي له بالشفعة فلا بد أن يجعل متملكا علي المشترى مستحقا عليه يده فلهذا كانت عهدته على المشترى كما لو اشتراها ابتداء منه وان أخذها من البائع ودفع الثمن إليه فعهدته وضمان ماله على البائع عندنا. وقال ابن أبي ليلى عهدته على البائع في الوجهين جميعا لان الشفيع لما تقدم على المشترى قام مقامه ثم عهدة المشترى على البائع فكذلك عهدة الشفيع وللشافعي قولان في أحد القولين ليس للشفيع أن يأخذ من البائع ولكن البائع يسلمه إلى المشترى وعهدته عليه لأنه يتملك على المشتري بعوض والمبيع قبل القبض عنده لا يحتمل التملك على المشترى بعوض عقارا كان أو منقولا وعلى القول الآخر يأخذ من يد البائع وعهدته على المشترى واليه يدفع الثمن وهو رواية عن أبي يوسف لان حق الشفعة يثبت بالشراء فكان من حقوق الشراء وما يكون من حقوق الشئ لا يكون ناسخا له وكيف يكون أخذ الشفيع ناسخا للبيع وهو مبطل حقه كما لو ظهر
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست