المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٠٠
وكذلك لو اختلف البائع والمشترى والشفيع فقال البائع ثلاثة آلاف وقال المشترى ألفان وقال الشفيع ألف وأقاموا البينة كانت بينة البائع أولى بالقبول وكذلك الوكيل بالشراء مع الموكل إذا اختلفا في مقدار الثمن وأقاما البينة كانت البينة بينة الوكيل لأنها تثبت الزيادة وأظهر من هذا كله المشترى من العدو مع المولى القديم إذا اختلفا في ثمن العبد المأسور وأقاما البينة كانت البينة بينة المشترى من العدو لما فيها من اثبات الزيادة ولأبي حنيفة طريقتان إحداهما حكاها محمد عنه والأخرى حكاها أبو يوسف فالتي حكاها محمد أن المشترى صدر منه اقرار أن أحدهما له والآخر عليه فكان للشفيع أن يأخذ بما عليه كما لو أقر عند القاضي بالامرين جميعا. وبيان ذلك أن الشفيع أثبت ببينته اقرار المشترى بالشراء بألف وهذا عليه والمشترى أثبت ببينته اقراره بالشراء بالغين وهذا له وبه فارق البائع مع المشترى لان هناك كل واحد منهما صدر منه اقرار أن إحداهما ما أثبته ببينة وهو له والآخر ما أثبته صاحبه وهو عليه فاستويا من هذا الوجه فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة والأولي أن نقرر هذا الكلام من وجه آخر فنقول لا تنافي بين البينتين في حق الشفيع ألا تري أنه لو اشتري مرتين مرة بألف ومرة بألفين كان للشفيع أن يأخذ بأيهما شاء فعرفنا أنه لا تنافي بينهما في حقه والاشتغال بالترجيح عند تعذر العمل بهما أولى فاما مع امكان العمل بالبينتين فلا معنى للمصير إلى الترجيح فيجعل في حق الشفيع كان الشرائين جميعا ثابتان فله أن يأخذ بأيهما شاء وهو نظير المولى مع العبد إذا اختلفا فقال المولى قلت لك إذا أديت إلى الفين فأنت حر وقال العبد قلت لي إذا أديت إلى ألفا فأنت حر وأقاما البينة فان البينة بينة العبد بهذا الطريق وهو أنه لا منافاة بينهما في حقه فيجعل كان الكلامين صدرا من المولى ويعتق العبد بأداء أي المالين شاء بخلاف البائع مع المشتري إذا اختلفا لان هناك العمل بالبينتين غير ممكن فالعقد الثاني في حقهما ناسخ للأول فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة وكذلك ان اختلفوا جميعا لأنه ما دام الاختلاف قائما بين البائع والمشترى فلا معتبر باختلاف الشفيع وأما الوكيل مع الموكل إذا اختلفا فقد روي ابن سماعة عن محمد أن البينة بينة الموكل لان الوكيل صدر منه اقرار ان كما بينا في ظاهر الرواية فالوكيل مع الموكل كالبائع مع المشترى ولهذا يجري التحالف بينهما عند الاختلاف في الثمن وقد بينا العذر فيما إذا كان الاختلاف بين البائع والمشترى فاما المولى القديم مع المشترى من العدو إذا اختلفا فقد نص في السير الكبير
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست