ولا قيمة للصنعة في البيع ثم بين شدة الحرمة في الربا بقوله الآخذ والمعطى والكاتب والشاهد فيه سواء أي في المآثم وهو نظير ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله في الخمر عشرة وقال صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرايش في النار ولعن الله من أعان الظلمة أو كتب لهم والأصل في الكل قوله ولا تعاونوا على الاثم والعدوان وعن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب الكفة بالكفة والفضة بالفضة الكفة بالكفة ولا خير فيما بينهما فقلت انى سمعت ابن عباس رضي الله عنه ما يقول ليس في يد بيد ربا فمشي إليه أبو سعيد رضي الله عنه وأنا معه فقال له أسمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع فقال لا فحدثه أبو سعيد رضي الله عنه الحديث فقال ابن عباس رضي الله عنهما لا أفتى به أبدا وفيه دليل على أن بيع الذهب والفضة بجنسهما إذا اعتدل البدلان في كفة الميزان جاز البيع وإن لم يعلم مقدار كل واحد منهما لتيقننا بالمماثلة وزنا والمماثلة إذ وزن أحدهما بصاحبه أظهر منه إذا وزن كل واحد منهما بالصنجات وفيه دليل رجوع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن فتواه في إباحة التفاضل وان الحديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد انقاد لهم ابن عباس رضي الله عنهما وهذا لان أبا سعيد رضي الله عنه كان من كبار الصحابة رضوان الله عليهم معروفا بينهم بالعدالة والورع وإنما مشي إلى ابن عباس رضي الله عنهما بطريق الخشية لاظهار الشفقة وإن كان لو دعاه إلى نفسه لاتاه وهذا هو الأحسن للكبير في معاملة من هو أصغر منه وعن عمر رضي الله عنه قال لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فانى أخاف عليكم الربا وقد نقل هذا اللفظ بعينه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانى أخاف عليكم الإرباء وعن ابن مسعود رضي الله عنه انه كان يبيع بقايا بيت المال يدا بيد بفضل فخرج خرجة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسأله عن ذلك فقال هو ربا وكان ابن مسعود رضي الله عنه استخلف على بيت المال عبد الله بن سخبرة الأسدي فلما قدم ابن مسعود رضي الله عنه نهاه عن بيع الدراهم بالدراهم بينهما فضل وكان ابن مسعود رضي الله عنه عامل عمر رضي الله عنه بالكوفة على بيت المال فكان من مذهبه في الابتداء ان اختلاف الصنعة كاختلاف النوع وكان يجعل البقاية مع الجيد نوعين فيجوز التفاضل بينهما عملا بقوله صلى الله عليه وسلم إذا اختلفا النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد ثم سأل عمر رضي الله عنه بين له أن الكل نوع واحد فان الكل فضة
(٨)