المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٦
والدراهم مثله فقال أبو بصرة فلقيت بعد ذلك ابن عمر رضي الله عنهما فقال لا خير فيه وأمرت أبا الصهباء فسأل ابن عباس رضي الله عنهما عن الصرف فقال لا خير فيه وفى هذا دليل رجوع ابن عمر ابن عباس رضي الله عنهما عن فقواهما بجواز التفاضل وقد روى أن عليا رضي الله عنه لما سمع هذه الفتوى عن ابن عباس رضي الله عنهما فقال إنك رجل تائه وعن الشعبي قال حدثني بضعة عشر نفرا من أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما الخبر فالخبر انه رجع عن فتواه فقال الفضل حرام وقال جابر بن زيد رضي الله عنه ما خرج ابن عباس رضي الله عنه في الدنيا حتى رجع عن قوله في الصرف والمتعة فعلم أن حرمة التفاضل مجمع عليه في الصدر الأول وان قضاء القاضي بخلافه باطل وفيه دليل انهم كانوا يسمعون حكما في حادثة فيلحقون بها ما في معناها فان أبا سعيد رضي الله عنه ذكر أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم روى الحديث في التمر وبين ان الدراهم مثله وفيه دليل على أن النص في شئ يكون نصا فيما هو في معناه من كل وجه لأنه لو كان هذا قياسا فالقياس استنباط بالرأي وما كان يقول بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه دليل انه لا بأس للمستفتى أن يطالب المفتى بالدليل إذا كان أهلا لذلك فان أبا سعيد رضي الله عنه لم ينكر عليه ذلك وانه لا بأس للانسان أن يأمر غيره بالاستفتاء وإن كان هو المحتاج إليه كما فعله هذا الرجل وإن كان احتشم أبا سعيد رضي الله عنه فلم يسأله بنفسه كما روى أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يجلسون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على رؤسهم الطير وكان يعجبهم ان يدخل اعرابي ليسأله ليستفيدوا بسؤاله أو علم هذا الرجل بقول ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما ولم يعجبه ان يظهر الانكار عليهما فامر غيره حتى سأل أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فيطالبه بالدليل ليتبين ما هو الصواب فيحصل المقصود من غير أن يستوحش أحد وهذا أقرب إلى حسن العشرة وعن شريح ان رجلا باع طوق ذهب مفضض بمائة دينار فاختصما إلى شريح رضي الله عنه فأفسد البيع وهذا عندنا لأنه لم يكن يدري مقدار الذهب الذي في الطوق أو علم أنه مائة مثقال أو أكثر أما إذا علم أنه دون مائة مثقال فالبيع جائز على أن تكون الزيادة بمقابلة الفضة إلا أن تكون الفضة تمويها فيه بحيث لا يستخلص فيحنئذ لا يعتبر ذلك ولا يحصل بمقابلتها شئ فيكون بمقابلة الصنعة ولا قيمة للصنعة عند اتحاد الجنس وعن عبد الله ابن أبي سلمة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث يوم خيبر سعد بن سعد بن مالك
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست