المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٤
آخره وقد بدأ بهذا الحديث كتاب البيوع وبينا تمام شرحه في كتاب البيوع ومن ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه باناء خسرواني قد أحكمت صنعته فبعثني به لأبيعه فأعطيت به وزنه وزيادة فذكرت ذلك لعمر رضي الله عنه فقال اما الزيادة فلا وهذا الاناء كان من ذهب أو فضة وفيه دليل على أنه لا قيمة للصنعة في الذهب والفضة عند المقابلة بجنسها لأنه لم يجوز الاعتياض عنها وما كان مالا متقوما شرعا فالاعتياض عنه جائز فعرفنا انه إنما لم يجوز لأنه لا قيمة للصنعة في هذا الحالة شرعا كما لا قيمة للصنعة في المعارف والملاهي شرعا وفيه دليل أن الذهب والفضة بالصنعة لا تخرج من أن تكون وزنية وان اعتاد الناس بيعها بغير وزن بخلاف سائر الموزونات لان صنعة الوزن فيها ثابتة بالنص فلا تتغير بالعرف بخلاف سائر الأشياء والى ذلك أشار ابن سيرين حين سئل عن بيع اناء من حديد بإنائين فقال قد كانوا يبيعون الدرع بالأدرع يعنى ان مالا يعتاد الناس وزنه من هذا الجنس لا يكون موزونا ثم ذلك الاناء كان لبيت المال وإنما قصد عمر رضي الله عنه ببيعه ان يصرف الثمن إلى حاجة المسلمين ثم وكل به أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه دليل على جواز التوكيل بالصرف وعن أبي جبلة قال سألت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقلت انا نقدم أرض الشام ومعنى الورق الثقال النافقة وعندهم الورق الخفاف الكاسدة أفنبتاع ورقهم العشرة بتسعة ونصف فقال لا نفعل ولكن بع ورقك بذهب واشتر ورقهم بالذهب ولا تفارقه حتى تستوفى وان وثب من سطح فثب معه وفيه دليل رجوع ابن عمر رضي الله عنهما عن قوله في جواز التفاضل كما هو مذهب ابن عباس رضي الله عنهما وأنه لا قيمة للجودة في النقود وان المفتى إذا تبين جواب ما سئل عنه فلا بأس ان يبين للسائل الطريق الذي يحصل به مقصوده مع التحرز عن الحرام ولا يكون هذا مما هو مذموم من تعليم الحيل بل هو اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال لعامل خيبر هلا بعت تمرك بسلعة ثم اشتريت بسلعتك هذا التمر وفيه دليل أن القليل من الفضل والكثير في كونه ربا سواء لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم والفضل ربا وان التقابض قبل الافتراق في الصرف مستحق وان القيام عن المجلس من غير افتراق لا يمنع بقاء العقد فإنه قال وان وثب من سطح فثب معه للتحرز عن مفارقة أحدهما صاحبه قبل القبض وعليه دل حديث كليب بن وائل قال سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن الصرف فقال من هذه إلى هذه يعنى من يدك إلى
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست