يده وإن استنظرك إلى خلف هذه السارية فلا تفعل وإنما كنى بهذا اللفظ عن مفارقة أحدهما صاحبه قبل القبض لان بالمفارقة يغيب عن بصره وبالاستتار بالسارية يغيب عن بصره أيضا فذكر ذلك على وجه الكتابة عن المفارقة لا أن يكون حقيقة السارية بينهما موجبا للافتراق فان ابتداء العقد بينهما صحيح في هذه الحالة وكون السارية بينهما لا يعد افتراق عرفا وعن محمد بن سيرين انه كان يكره أن يباع السيف المحلى بالفضة بالنقرة مخافة أن تكون الفضة التي أعطى أقل مما فيه ويكره أن يبيعه بالنسيئة ولا يرى بأسا بأن يبيعه بالذهب وبه نأخذ فنقول بيعه بالذهب جائز بالنقد لقوله صلى الله عليه وسلم إذ اختلفت النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد ولا يجوز بيعه بالنسيئة سواء باعه بالذهب أو بالفضة لأن العقد في حصة الحلية صرف فاشتراط الاجل فيه مفسد ولا ينزع الحلية من السيف إلا بضرر ففساد العقد فيها يفسد في الكل دفعا للضرر أما بيعها بالفضة فعلى أربعة أوجه إن كان يعلم أن فضة الحلية أكثر فهو فاسد وكذلك ان كانت الحلية مثل النقد في الوزن لان الجفن والحمائل فضل خال عن العوض فان مقابلة الفضة بالفضة في البيع تكون بالاجزاء وإن كان يعلم أن الفضة في الحلية أقل جاز العقد على أن يجعل المثل بالمثل والباقي بإزاء الجفن والحمائل عندنا خلافا للشافعي وان كأن لا يدرى أيهما أقل فالبيع فاسد عندنا لعدم العلم بالمساواة عند العقد وتوهم الفضل وعند زفر هذا يجوز فان الأصل الجواز والمفسد هو الفضل الخالي عن العوض فما لم يعلم به يكون العقد مملوكا بجوازه وقد بينا هذا في البيوع وعن أبي بصرة قال سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن الصرف قال لا بأس به يدا بيد وسألت ابن عباس رضي الله عنهما فقال مثل ذلك فقعدت في حلقة فيها أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فأمرني رجل فقال سله عن الصرف فقلت ان هذا يأمرني أن أسئلك عن الصرف فقال لي الفضل ربا فقال سله أمن قبل رأيه يقول أو شئ سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال أبو سعيد رضي الله عنه بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم اتاه رجل يكون في نخله برطب طيب فقال صلى الله عليه وسلم من أين هذا فقال أعطيت صاعين من تمر ردئ وأخذت هذا فقال صلى الله عليه وسلم أربيت فقال إن سعر هذا في السوق كذا وسعر هذا كذا فقال صلى الله عليه وسلم أربيت ثم قال صلوات الله عليه هلا بعته بسلعة ثم ابتعت بسلعتك تمرا فقال أبو سعيد رضي الله عنه الفضل في التمر ربا
(٥)