المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٣٧
رحمه الله لا بأس بأن يقضي أجود من دراهمه إذا لم يشترط ذلك عليه وقد روى أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يفعله وبه نأخذ وتأويل كراهة ابن مسعود رضي الله عنه ان الرجل إنما فعل ذلك لأجل القرض فلهذا كره وقد رد عمر رضي الله عنه الهدية بمثل هذا وعن صلة بن زفر قال جاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه على فرس بلقاء فقال إنه أوصي إلى في يتيم فقال عبد الله رضي الله عنه لا تشتر من ماله شيئا ولا تستقر من منه شيئا وبه نأخذ فنقول ليس للوصي أن يستقرض من مال اليتيم لأنه لا يقرض غيره فكيف يستقرضه لنفسه وهذا لان الاقراض تبرع فلا يحتمله مال اليتيم وبظاهر الحديث يأخذ محمد رحمه الله فيقول إذا اشترى الوصي من مال اليتيم لنفسه شيئا لا يجوز ولكن أبا حنيفة يقول مراده إذا اشترى بمثل القيمة أو بأقل على وجه لا يكون فيه منفعة ظاهرة لليتيم لان مقصوده من هذا الامر له أن ينفى التهمة على نفسه وعن عطاء رحمه الله أن ابن الزبير رضي الله عنه كان يأخذ بمكة الورق من التجار فيكتب لهم إلى البصرة والى الكوفة فيأخذون أجود من ورقهم قال عطاء فسألت ابن عباس رضي الله عنه عن أخذهم أجود من ورقهم فقال لا بأس بذلك ما لم يكن شرطا وبه نأخذ فنقول المنهى عنه هي المنفعة المشروطة اما إذا لم تكن مشروطة فذلك جائز لأنه مقابلة الاحسان بالاحسان وإنما جزاء الاحسان الاحسان وكذلك قبول هديته وإجابة دعوته لا بأس به إذا لم يكن مشروطا وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يأخذ الورق بمكة على أن يكتب لهم إلى الكوفة بها وتأويل هذا عندنا انه كان عن غير الشرط فاما إذا كان مشروطا فذلك مكروه والسفاتج التي تتعامله الناس على هذا ان أقرضه بغير شرط وكتب له سفتجة بذلك فلا بأس به وان شرط في القرض ذلك فهو مكروه لأنه يسقط بذلك خطر الطريق عن نفسه فهو قرض جر منفعة * رجل باع من رجل عبدا بثمن مسمى إلى شهر على أن يوفيه إياه بمصر آخر عينه فالبيع جائز لان الثمن معلوم والأجل معلوم بالمدة الا ان فيما لاحمل له ولا مؤنة يطالبه بالتسليم حيث يجده بعد مضى الاجل وفيما له حمل ومؤنة لا يطالبه به الا في الموضع المشروط لان الشرط معتبر إذا كان مقيدا غير معتبر إذا لم يكن مقيدا وهذا بخلاف القرض فان المستقرض مضمون بالمثل فلا يجوز فيه شرط الايفاء في مكان آخر ولان اشتراط مكان التسليم كاشتراط زمان التسليم لان التسليم لا يتأتى الا بمكان وزمان وشرط الزمان في القرض للتسليم لا يلزم وهو الاجل فكذلك
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست