المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٣٤
المعير وان وقته سنة فله أن يسترده من ساعته فكذلك الاجل في القرض وبه يتبين الجواب عن قوله هو دين لان بدل القرض في الحكم عين المقبوض إذ لو جعل دينا على الحقيقة كان بدلا عن المقبوض في الحكم فيكون مبادلة الشئ بجنسه نسيئة وهذا بخلاف الابراء لأنه بالابراء يزيل ملكه وإزالة الملك بالتبرع صحيح فاما بالقرض فلا يزيل ملكه فلو لزم الاجل فيه لكان يلزمه الكف عن المطالبة بملكه إلى مضى الاجل وهو مخالف لموضوع التبرع فاما التأجيل في بدل الغصب والمستهلك فيجوز عندنا ولا يجوز عند زفر والشافعي رحمهما الله أما مع الشافعي فالكلام ينبنى على أصل وهو ان عنده الاجل لا يثبت في شئ من الديون إلا بالشرط في عقد المعاوضة حتى قال لو أجله في الثمن بعد البيع لا يثبت الاجل لان الشرط إنما يعتبر في ضمن العقد اللازم إما منفردا عن العقد فلا يتعلق به اللزوم ولكنا نقول ما كان دينا على الحقيقة إذا لم يكن مستحق القبض في المجلس فاسقاط القبض فيه بالابراء صحيح فكذلك بالتأجيل اما زفر فهو يقول المستهلك مضمون بالمثل كالمستقرض فكما لا يلزم الاجل في القرض فكذلك في بدل الغصب وهذا لان المعتبر فيهما المعادلة في صفة المالية وبين الحال والمؤجل تفاوت في المالية معنى فالتأجيل فيه بمنزلة التزام رد أجود مما قبض أو أزيف أو أردأ منه وذلك لا يكون ملزما * وجه قولنا ان بدل المستهلك دين في الذمة على الحقيقة فاشتراط الاجل فيه يلزم كسائر الديون بخلاف المستقرض فإنه في حكم العين والقرض بمنزلة العارية كما بينا ولهذا قال أبو يوسف ان الملك لا يثبت للمستقرض في العين بنفس القبض والمقرض أحق باسترداده ما لم يخرج المستقرض عن ملكه ولكنا نقول المستقرض يملك العين بالقبض لأنه يملك المنفعة ومنفعة المكيل والموزون لا تنفصل عن العين فإذا يملك العين التحق بسائر أملاكه وكان الخيار في تعيين ما يرده إلى المستقرض وهذا لأنه دين في ذمته صورة وقد جعل كالعين حكما فلاعتبار انه دين صورة جعلنا اختيار محل القضاء إلى من في ذمته ولاعتبار أنه عين حكما قلنا لا يلزم فيه الاجل وعارية الدراهم والدنانير قرض للأصل الذي قلنا إن القرض بمنزلة العارية والعارية في كل مالا يمكن الانتفاع به الا باستهلاك لعينه يكون قرضا وهذا لان المعير مسلط المستعير على الانتفاع بالمستعار على أن يرده عليه وفيما يجوز فيه القرض المنفعة لا تنفصل عن العين فيكون بالإعارة مسلطا له على استهلاك العين في حاجته على أن يرد عليه مثله وذلك اقراض * قال ألا ترى أن المستعير للدراهم لو اشترى جارية كانت له
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست