المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣
الاقراض فيه وأما الحديث فإنما استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيت المال حتى روى أنه قضاه من إبل الصدقة وما كان يقضى ما استقرضه لنفسه من إبل الصدقة وبيت المال يثبت له وعليه حقوق مجهولة وقيل كان استسلف في الصدقة بكرا فان الاستسلاف والاستقراض يتفاوت ثم لم تجب الزكاة على صاحبه المال فرده بعد ما صار رباعيا وقيل هذا كان في وقت كان الحيوان مضمونا بالمثل ثم انتسخ ذلك كما بيناه في أول الغصب فان قبض الحيوان بحكم القرض وجب عليه رده ولو باعه نفذ بيعه وعليه ضمان قيمته لان المقبوض بحكم قرض فاسد بمنزلة المقبوض بحكم بيع فاسد إذ الفاسد معتبر بالجائز لأنه لا يمكنه أن يجعل الفاسد أصلا في معرفة حله لان الشرع لا يرد به فلا بد من اعتباره بالجائز وكذلك العقار والثياب الاستقراض فيها كالاستقراض في الحيوان وفرق علماؤنا رحمهم الله بين السلم والقرض في الثياب فقالوا الثياب لا تثبت في الذمة ثبوتا صحيحا إلا مؤجلا والقرض لا يكون الا حالا وحقيقة المعنى فيه أن المعتبر في المسلم فيه اعلام المالية على وجه لا يبقي فيه تفاوت إلا يسيرا ليكون المقصود بالعقد معلوما للعاقد وذلك في الثياب بذكر الوصف ممكن اما في باب القرض فالشرط اعتبار المماثلة في العين المقبوضة وصفة المالية وذلك لا يوجد في الثياب بدليل أنها لا تضمن بالمثل عند الاستهلاك فلهذا لا يجوز الاستقراض فيها وكذلك لا يجوز اقراض الخشب والحطب والقصب والرياحين الرطبة والبقول لأنها مضمونة بالقيمة عند الاستهلاك فاما الحناء والوسمة والرياحين اليابسة التي تكال لا بأس باستقراضها لأنها مضمونة بالمثل عند الاستهلاك * ولا يجوز الاجل في القرض معناه أنه لو أجله عند الاقراض مدة معلومة أو بعد الاقراض لا يثبت الاجل وله أن يطالبه به في الحال وعند مالك يثبت الاجل في القرض لأنه دين لا يستحق قبضه في المجلس فيجوز التأجيل فيه كالثمن والأجرة يدل عليه ان التأجيل اسقاط المطالبة إلى مدة واسقاط المطالبة ببدل القرض لا إلى غاية بالابراء صحيح فالتأجيل فيه أولى أن يصح ولنا فيه طريقان أحدهما أن المقرض متبرع ولهذا لا يصح الاقراض ممن لا يملك التبرع كالعبد والمكاتب فلو لزم الاجل فيه لصار التبرع ملزما المتبرع شيئا وهو الكف عن المطالبة إلى مضى الاجل وذلك يناقض موضوع التبرع وشرط ما يناقض موضوع العقد به لا يصح وكذلك الحاقه به لا يصح فلهذا لا يلزم الاجل فيه وان ذكر بعد العقد والثاني أن القرض بمنزلة العارية على ما قررنا والتوقيت في العارية لا يلزم حتى أن
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست