المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٤٠
في رواية أبى سليمان من غير تنصيص على الخلاف فيه وفي رواية أبى حفص قال هذا قول أبي حنيفة أما على قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله فهو جائز على الطالب سواء صرف الدراهم بالدنانير أو الدنانير بالدراهم وسواء قبضه الطالب في المجلس أو بعده وهو الصحيح والمسألة تنبنى على ما بينا في كتاب البيوع وإذا قال الطالب للمطلوب أسلم مالي عليك في كر حنطة وقد قررنا الخلاف في تلك المسألة فكذلك في هذه إذ لا فرق بين أن يأمره بالصرف مع غير المعين أو السلم عندهما يصح في الوجهين جميعا باعتبار انه أضاف الوكالة إلى ملكه فالدين في ذمة المديون ملك الطالب وعند أبي حنيفة لا يجوز في الوجهين لأنه أمره بدفع الدين إلى من يختاره لنفسه وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فدفع المطلوب إلى الطالب دنانير وقال اصرفها وخذ منها فقبضها فهلكت قبل أن يصرفها هلكت من مال الدافع والمدفوع إليه مؤتمن لأنه قبض الدنانير بحكم الوكالة والوكيل أمين فيما دفعه الموكل إليه من ماله فان صرفها وقبض الدراهم فهلكت قبل أن يأخذ منها حقه هلكت من مال الدافع أيضا لأنه في القبض بحكم العقد عامل للامر فهلاكه في يده كهلاكه في يد الآمر حتى يأخذ منها حقه فإذا أخذ حقه وضاع ما أخذه فهو من ماله لأنه في هذا الاخذ عامل لنفسه وإنما يصير آخذا حقه باحداث القبض فيه لأجل نفسه ولو دفعه إليه المطلوب قضاء لحقه كان داخلا في ضمانه فكذلك إذا قبضه بأمره وان قال بعها بحقك فباعها بدراهم مثل حقه وأخذها فهو من ماله لأنه بالبيع ممتثل أمره وإنما يكون ذلك إذا كان في القبض عاملا لنفسه حتى يتحقق كونه تابعا بحقه بخلاف الأول فان هناك أمره بالبيع للامر فكان في القبض عاملا للآمر ما لم يستوف حقه من المقبوض وإذا اشترى بيعا على أن يقرضه فهذا فاسد لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط والمراد شرط فيه منفعة لاحد المتعاقدين لا يقتضيه العقد وقد وجد ذلك وإذا أقرض المرتد أو استقرض فقتل على ردته فقرضه الذي عليه دين في ماله اما لان تصرفه قد بطل فبقي هو قابضا مال الغير على وجه التملك وذلك موجب الضمان عليه أو لان تصرفه من حيث الاستقراض صحيح فان توقف تصرفه لحق الورثة واستقراضه لا يلاقى محلا فيه حق الورثة فان قيل أليس العبد المحجور إذا استقرض واستهلك لم يلزمه ضمانه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ما لم يعتق فكذلك المحجور بسبب الردة ينبغي أن لا يكون ضامنا ما استقرض في ماله الذي هو حق الورثة
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست