المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ٤٥
وذلك لا يجوز كما لا يجوز البيع فيه مجازفة بجنسه. ولو اشترى معدن فضة بفضة لم يجز لأنه لا يدرى أن ما في تراب المعدن من الفضة مثل الفضة الأخرى أو أقل أو أكثر والاخذ بالاحتياط في باب الربا واجب قال ابن مسعود رضي الله عنه كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام وقال صلى الله عليه وسلم ما اجتمع الحلال والحرام في شئ الا وقد غلب الحرام الحلال وقال في الربا من لم يأكله أصابه من غباره وكذلك ان اشتراه بذهب أو فضة فلعل ما في التراب من الفضة مثل المنفصل فيكون الذهب ربا لأنه فضل خال عن العوض فالتراب ليس بمتقوم. وان اشتراه بذهب جاز لان ربا الفضل لا يجوز عند اختلاف الجنس وكان بالخيار إذا خلص ذلك منه ورأي ما فيه لأنه إنما كشف له الحال الآن ولا يتم رضاه الا بذلك فكان الخيار إليه كمن اشترى شيئا لم يره. وكذلك لو اشتراه بعرض وكذلك تراب معدن من الذهب إذا اشتراه بذهب لم يجز وان اشتراه بفضة أو عرض جاز لانعدام الربا بسبب اختلاف الجنس وإذا احتفر موضعا من المعدن ثم باع تلك الحفرة فان بيعه باطل لأنه باع ما لا يملك فان تلك الحفرة لم يملكها بمجرد الحفر لان الملك إنما يثبت بالاحراز وهو لم يحرزه فان احرازه فيما رفع من التراب دون الباقي في مكانه فهو كبيع صخرة من الجبل قبل أن يحرزها ويخرجها وتأويل حديث علي رضي الله عنه أن الرجل كان أحرز بعضها فباع ذلك المحرز بمائة شاة وباع له الباقي ولهذا قال علي رضي الله عنه أد خمس ما وجدت من الركاز يعنى ما أحرزته وكذلك ان أعطاها رجلا على أن يعوضه منها عوضا فهو باطل لأنه ملك مالا يملك واشتراط العوض عليه في اخراج المباح وذلك باطل فرجع في عوضه وما احتفر الرجل من الحفرة فأحرزه فهو له بالاحراز وعليه الخمس في ذلك * وان استأجر الرجل الأجير يعمل معه بتراب معدن معروف فهو جائز إذا كان يعلم أن فيه شيئا من الذهب أو الفضة لان جهالة مقداره لا تفضي إلى المنازعة لما كان التراب معينا معروفا وله الخيار إذا رأى ما فيه كمن أجر نفسه بعوض لم يره فهو بالخيار إذا رآه. وان استأجره بوزن من التراب مسمى بغير عينه لم يجز لان المقصود ما في التراب وذلك لا يصير معلوما بذكر وزن التراب فقد يكثر ذلك في البعض ويقل في البعض الآخر وينعدم في البعض وهذا الجهالة تفضي إلى المنازعة. وكذلك لو اشترى عرضا بوزن من التراب بغير عينه فهو باطل لما قلنا وإن كان لرجل على رجل دين فأعطاه به ترابا بعينه يدا بيد فإن كان الدين فضة فأعطاه تراب فضة لم يجز لتوهم الفضل فيما أعطاه وان
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست