المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٠٥
يجعل الشرع له ذلك فيبطل تقسيمه ويبقي حقه في جميع الدار يأخذه ان شاء ولو أخبر الشفيع أن المشترى فلان فقال قد سلمت له فإذا المشترى غيره فهو علي شفعته لما بينا أن الناس يتفاوتون في المجاورة فرضاه بمجاورة انسان لا يكون رضا منه بمجاورة غيره وهذا التقيد منه مفيد كأنه قال إن كان المشترى فلانا فقد سلمت الشفعة فإذا تبين أن المشترى غيره فهو على حقه وان تبين انه اشتراه فلان وآخر معه صح تسليمه في نصيب فلان وهو على شفعته في نصيب الآخر لأنه رضي بمجاورة أحدهما فلا يكون ذلك منه رضا بمجاورة الاخر والبعض معتبر بالكل ولو أخبر أن الثمن بألف درهم فسلم الشفعة فإن كان أكثر من الف فتسليمه صحيح وإن كان أقل فله الشفعة عندنا وقال ابن أبي ليلى لا شفعة له في الوجهين لأنه أسقط حقه بعد ما وجبت له الشفعة ورضي بمجاورة هذا المشترى فلا يكون له أن يأتي ذلك بعد الرضا به ولكنا نقول إنما أسقط حقه بشرط أن يكون الثمن ألف درهم لأنه بنى تسليمه على ما أخبر به والخطاب السابق كالمعاد فيما بنى عليه من الجواب فكأنه قال سلمت إن كان الثمن ألفا وإنما أقدم على هذا التسليم لغلاء الثمن أو لأنه لم يكن متمكنا من تحصيل الألف ولا يزول هذا المعنى إذا كان الثمن أكثر من ألف بل يزداد فاما إذا كان الثمن أقل من الألف فقد انعدم المعنى الذي كأن لأجله رضى بالتسليم فيكون على حقه وهذا لان الاخذ بالشفعة شراء وقد يرغب المرء في شراء شئ عند قلة الثمن ولا يرغب فيه عند كثرة الثمن ولو سلم الشفعة قبل الشراء كان ذلك باطلا لان وجوب حقه بالشراء والاسقاط قبل وجود سبب الوجود يكون لغوا كالابراء عن الثمن قبل البيع ولو أخبر أن الثمن شئ مما يكال أو يوزن فسلم الشفعة فإذا الثمن من صنف آخر أقل مما يسمى له أو أكثر فهو على شفعته لان الانسان قد يتيسر عليه جنس دون جنس وكان هذا التقييد مفيدا في حقه فكأنه قال سلمت إن كان الثمن كرا من شعيرا فإذا ظهر أن الثمن كر من حنطة فهو على حقه لو أخبر أن الثمن عبد أو ثوب أو دابة ثم ظهر أنه كان مكيلا أو موزونا فهو شفعته لان ماله مثل من جنسه الشفيع يأخذ بمثل ما اشتراه المشترى وفيما لا مثل له يأخذ بقيمته دراهم وقد يتيسر عليه تحصيل جنس من المكيل والموزون ويتعذر عليه تحصيل الدراهم فكان هذا التقييد مفيدا في حقه ولو أخبر أن الثمن ألف درهم فسلم ثم تبين له أن الثمن مائة دينار قيمتها ألف درهم أو أقل أو أكثر فعندنا هو على شفعته إن كان قيمتها أقل من الألف والا فتسليمه
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست