المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٠
حلف دفعه إليه ولا أحب أن يأخذ منه كفيلا وان أخذ منه كفيلا لم يكن مسيئا ولكن إن لم يأخذ أحب إلى هذه رواية أبى حفص وفي رواية أبى سليمان قال أحب إلى أن يأخذ منه كفيلا وإن لم يأخذ كفيلا وسعه ذلك. من أصحابنا من قال ما ذكر في رواية أبى حفص قول أبي حنيفة رحمه الله فإنه لا يرى أخذ الكفيل للمجهول كما قال في الجامع الصغير في أخذ الكفيل من الوارث هذا شئ احتاطه بعض القضاة وهو ظلم وما قاله في رواية أبى سليمان رحمه الله قولهما لأنهما يجوزان للقاضي أن يحتاط بأخذ الكفيل صيانة لقضاء نفسه أو نظرا لمن هو عاجز عن النظر لنفسه والأصح ان فيه روايتين وما ذكر في رواية أبى سليمان أقرب إلى الاحتياط فربما يظهر مستحق يقيم البينة علي الولادة في ملكه فيكون مقدما علي من أقام البينة على الملك المطلق أو يقيم البينة على الملك المطلق فيكون مزاحما له أو يقيم البينة على أنه اشتراه منه فالمستحب أن يأخذ منه كفيلا لهذا ولكنه موهوم لم يقم عليه دليل فكان في سعة من أن لا يأخذ منه كفيلا. وما ذكر في رواية أبى حفص أقرب إلى القياس لان استحقاقه ثابت بما أقام من البينة واستحقاق غيره موهوم والموهوم لا يقابل المعلوم فلا يستحب للقاضي ترك العمل الا بحجة معلومة لامر مرهوم أرأيت لو لم يعطه كفيلا أو لم يجد كفيلا أكان يمتنع القاضي من القضاء به له وقد أقام البينة ولكنه لو أخذ منه كفيلا فهو فيما صنع محتاط مجتهد فلا يكون مسيئا وإن لم يكن للمدعى بينة وأقر العبد انه عبده فإنه يدفعه إليه ويأخذ منه كفيلا. أما الدفع إليه فلان العبد في يد نفسه وقد أقر بأنه مملوك له ولو ادعى أنه حر كان قوله مقبولا فكذلك إذا أقر أنه مملوك له يصح اقراره في حق نفسه لأنه لا منازع لهما فيما قالا وخبر المخبر محمول على الصدق ما لم يعارضه مثله ولكن يأخذ منه كفيلا لان الدفع إليه بما ليس بحجة على القاضي فلا يلزمه ذلك بدون الكفيل بخلاف الأول فالدفع هناك ليس بحجة ثابتة في حق القاضي يوضحه أن قول العبد بعد اقراره بالرق في تعيين مالكه غير مقبول ألا ترى أنه لو كان في يد رجلين وأقر بالملك لأحدهما لم يصح اقراره وكان بينهما فكذلك لا يصح اقراره في استحقاق اليد الثابتة للقاضي بعد ما أقر برقه فلا بد من أن يأخذ منه كفيلا بحق نفسه حتى إذا حضر مالكه وأراد أن يضمنه يمكن من أخذ الكفيل ليحضره فيخلصه من ذلك فأما إذا أقام البينة فقد أثبت استحقاق اليد على القاضي ولا يلحق القاضي ضمان في الدفع إليه بحجة البينة فلهذا لا يحتاط بأخذ الكفيل وإن لم يكن للعبد طالب فإذا
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست