المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٤
لان العقوبة تثبت عليه بالبينة تارة وبالإقرار تارة ثم فيما يثبت باقراره لا يشترط حضور المولى للاستيفاء فكذلك فيما يثبت بالبينة بل أولى لان البينة حجة متعدية إلى الناس كافة والاقرار حجة قاصرة في حق المقر خاصه. وجه قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ان في إقامة الحد عليه تفويت حق المولى فلا يجوز إلا بمحضر منه لان العبد ليس بخصم عنه والقضاء على غير خصم حاضر بتفويت حقه لا يجوز وبيان هذا أن للمولى حق الطعن في الشهود حتى لو كان حاضرا كان طعنه مسموعا ففي إقامة القوبة تفويت حق المطعون عليه والدليل عليه ان العبد لو كان كافرا ومولاه مسلما لم تقبل شهادة الكفار عليه بالأسباب الموجبة للعقوبة ولو لم يكن للمولى حق في هذه البينة لكأن لا يعتبر دينه في ذلك والعبد ليس بخصم عن المولى لأنه خصم باعتبار معنى النفسية ولا حق للمولى في ذلك فلا ينتصب خصما عنه وبه فارق الاقرار فإنه ليس للمولى حق الطعن في اقراره فلا يكون في إقامة العقوبة عليه بالاقرار تفويت حق المولي ولان وجوب العقوبة عليه باعتبار معنى النفسية ولكن في الاستيفاء اتلاف مالية المولي والبينة لا توجب شيئا بدون القضاء والاستيفاء في العقوبات من تتمة القضاء ألا ترى ان المعترض بعد القضاء قبل الاستيفاء يجعل كالمقترن بأصل القضاء حتى يمتنع الاستيفاء به فإذا كان تمام قضائه متناولا حق المولى يشترط حضور المولى في ذلك بخلاف الاقرار فإنه موجب بنفسه قبل قضاء القاضي وولاية الاستيفاء تثبت بتقرر الوجوب فلا يشترط فيه حضور المولي وإذا أخذ العبد الآبق وحبس في بلد فتقدم مولاه إلي قاضي بدلته وأقام عليه شاهدين وطلب أن يكتب به إلي قاضي البلد الذي هو فيه لم يجبه إلي ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ولو فعل لم نقض القاضي المكتوب إليه بذلك الكتاب وعلى قول أبى يوسف يجيبه إلى ذلك بطريق يذكره وهو قول ابن أبي ليلى * والحاصل ان كتاب القاضي إلي القاضي في الديون صحيح بالاتفاق وكذلك في العقار لان اعلامها في الدعوى والشهادة تذكر الحدود دون الإشارة إلى العين وفى العروض من الدواب والثياب لا يجوز كتاب القاضي إلي القاضي بالاتفاق لأنه لا بد من إشارة الشهود إلى العين للقضاء بشهادتهم وذلك نعدم في كتاب القاضي إلى القاضي فأما في العبيد والجواري فلا يجوز كتاب القاضي عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله أيضا وهو القياس لأنه لا بد من إشارة الشهود إلى العين ليثبت الاستحقاق بشهادتهم ولهذا لو كان حاضرا في البلدة لا يسمع الدعوى والشهادة الا بعد
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست