المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٩
في استرداد الوديعة منك فصدقه لا يجبر على الدفع إليه إلا في رواية عن أبي يوسف رحمة الله بخلاف وكيل صاحب الدين لان المديون إنما يقضي الدين بملك نفسه واقراره في ملك نفسه ملزم فأما المودع يقر له بحق القبض في ملك الغير واقراره في ملك الغير ليس بملزم فعلى هذا قال بعض مشايخنا رحمهم الله في اللقطة كذلك لا يجبر على دفعها إليه وان صدقه ومنهم من فرق فقال هناك الملك لغير الذي حضر ظاهر في الوديعة وهنا ليس في اللقطة ملك ظاهر لغير الذي حضر فينبغي أن يكون اقرار الملتقط ملزما إياه الدفع إليه ثم في الوديعة إذا دفع إليه بعدما صدقه وهلك في يده ثم حضر المودع وأنكر الوكالة وضمن المودع فليس له أن يرجع على الوكيل بشئ وهنا للملتقط أن يرجع على القابض لأنه هناك في زعم المودع ان الوكيل عامل للمودع في قبضه له بأمره وانه ليس بضامن بل المودع ظالم في تضمينه إياه ومن ظلم فليس له أن يظلم غيره وهنا في زعمه ان القابض عامل لنفسه وانه ضامن بعد ما يثبت الملك لغيره بالبينة فكان له أن يرجع عليه بعدما ضمن لهذا يوضحه ان هناك المودع منكر الوكالة والقول فيه قوله مع يمينه فلا حاجة به إلى البينة وإنما يقضى القاضي علي المودع بالضمان باعتبار الأصل وهو عدم الوكالة فلا يصير المودع مكذبا في زعمه حكما وهنا إنما يقضى بالضمان على الملتقط بحجة البينة فيصير هو مكذبا في زعمه حكما فإن كانت اللقطة مما لا يبقى إذا أتى عليه يوم أو يومان عرفها حتى إذا خاف أن تفسد تصدق بها لان المقصود من التعريف ايصالها إلى صاحبها فتقيد مدة التعريف بالوقت الذي لا يفسد فيه لان بعد الفساد لا فائدة لصاحبها في ايصالها إليه وقد بينا ان التصدق بها طريق لحفظها على صاحبها من حيث الثواب فيصير إلى ذلك إذا خاف أن تفسد العين وإذا وجد شاة أو بعيرا أو بقرة أو حمارا فحبسه وعرفه وأنفق عليه ثم جاء صاحبها وأقام البينة أنه له لم يرجع عليه بما أنفق لأنه متبرع في الانفاق على ملك الغير بغير أمره إلا أن يكون أنفق بغير أمر القاضي فأما أمر القاضي بمنزلة أمر صاحبها لما للقاضي على صاحبها من ولاية النظر عند عجزه عن النظر بنفسه والامر بالانفاق من النظر لأنه لا بقاء للحيوان بدون النفقة عادة فان رفعها إلى القاضي وأقام البينة انه التقطها أمره بان ينفق عليها على قدر ما يرى وقد بينا طريق قبول هذه البينة والامر بالانفاق بعدها في اللقيط ثم إنما يأمر بالانفاق نظرا منه لصاحبها فلا يأمر إلا في مدة يتحقق فيها معنى النظر له من يومين أو ثلاثة لأنه لو أمر بالانفاق في مدة طويلة ربما يأتي ذلك على
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست