المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢١٦
الشركة التي بينهما لا تنفك عن هذا بخلاف الاقرار في الدين وذكر الشارح عن أبي يوسف رحمهما الله أن كل واحد منهما ضامن لما جنت يد أحدهما استحسانا أيضا وانه لو ادعي عينا في يدهما على أحدهما أنه تقبل العمل فيه فأقر به نفذ اقراره في نصيب شريكه أيضا استحسانا ومحمد رحمه الله في هذين الفصلين يأخذ بالقياس فيقول اقراره بالعين كاقراره بالدين وما يتلف بجناية في يده بمنزلة غصبه واستهلاكه والشركة بينهما قد تنفك عن ذلك فلا يطالب الشريك بشئ من ذلك وأبو يوسف رحمه الله أخذ بالاستحسان لان وجوب ضمان ما جنت يده باعتبار العمل وما في العمل كالمتفاوضين فكذلك فيما يجب باعتباره له أو عليه وكذلك الاقرار بالعين فان الشركة لا تنفك من ذلك لان من يسلم إلى أحدهما العمل فلا بد له من أن يسلم إليه محل العمل وما يتقبله أحدهما يثبت عليه يدهما عند إقامة العمل فإذا لم يصح اقراره في حق شريكه يحذر الناس من المعاملة مع كل واحد منهما فلهذا أخذنا بالاستحسان والله سبحانه وتعالى أعلم (باب الشركة الفاسدة) قال (وإذا اشترك الرجلان على أن يحتطبا الحطب يبيعانه فما باعاه فهو بينهما نصفان كانت هذه الشركة فاسدة) لان صحة الشركة باعتبار الوكالة فلا تصح فيما لا تجوز الوكالة فيه ولو وكل انسانا بأن يحتطب له لم يصح التوكيل وكان الحطب الذي لم يحتطب دون الموكل فكذلك الشركة لان كل واحد منهما في المعنى يوكل صاحبه بمباشرة بعض ذلك العمل له ولان الاحتطاب اكتساب والاكتساب في المحل المباح يوجب الملك للمكتسب وكل واحد منهما يشترط لنفسه بعض كسب صاحبه من غير رأس مال ولا ضمان له فيه أو يصير كل واحد منهما كالمفاوض مع صاحبه بنصف ما يكتسبه صاحبه وهذا مفاوضة في المجهول فلا تكون صحيحة ولكل واحد منهما ما احتطب وثمنه إذا باع لان البدل يملك بملك الأصل فان احتطب أحدهما وأعانه الآخر فله أجر مثله على الذي احتطب لأنه استوفى منافعه بحكم عقد فاسد فيلزمه أجر مثله ولا يجاوز به نصف الثمن في قول أبى يوسف رحمه الله وقال محمد رحمه الله له أجر مثله بالغا ما بلغ فأبو يوسف رحمه الله يقول قد رضى هذا بنصف المسمي فيعتبر رضاه في اسقاط حقه في المطالبة بالزيادة على ذلك * ألا ترى أنه لو استأجر
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست