المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٥
الفعل المعتبر قوله بان فعل الدابة هدر قلنا نعم هو غير معتبر في ايجاب الضمان ولكنه معتبر في نسخ حكم الفعل به ألا ترى ان من أرسل دابته في الطريق فأصابت في سير إرساله مالا أو نفسا كان المرسل ضامنا ولو تيامنت أو تياسرت ثم أصابت شيئا لم يضمن المرسل واعتبر فعلها في نسخ حكم فعل المرسل به فكذلك هنا يعتبر فعلها في نسخ حكم فعل الذي حلها أو فعلها باب الإصطبل به وهو نظير من حفر بئرا في الطريق فجاء حربي لا أمان له وألقى فيه غيره لم يضمن الحافر شيئا وفعل الحربي غير معتبر في ايجاب الضمان عليه ثم كان معتبرا في نسخ حكم فعل الحافر به وهذا بخلاف مسألة الزق والحبل فإنه ما طرأ على فعله ما ينسخه حتى إذا كان ما في الزق جامدا ثم ذاب بالشمس فسال لم يضمن الشاق فان قيل كيف يستقيم القول في هذه الفصول بان عمله في اتحاد الشرط والشرط يتأخر عن العلة ولا يسبقها قلنا هذا شرط في معنى السبب فان الحكم يوجد عند وجود الشرط وعند وجود السبب إلا أن السبب يتقدم والشرط يتأخر فهذا التقدم في معنى السبب ولكونه مزيلا للمانع هو شرط كما بينا وعلى هذا لو حل قيد عبد آبق فذهب العبد لم يضمن شيئا لما قلنا قال محمد رحمه الله إلا أن يكون العبد مجنونا فحينئذ يضمن لان فعله في الذهاب غير معتبر شرعا فيبقى الاتلاف مضافا إلى إزالة المانع بحل القيد وقال أيضا لو كان هذا المجنون مقيدا في بيت مغلق فحل انسان قيده وفتح آخر الباب فذهب فالضمان علي الفاتح لان حل القيد لم يكن إزالة للمانع قبل فتح الباب واتمام ذلك بالفاتح للباب فهو الضامن وعلى قول الشافعي رضي الله عنه في هذه الفصول ان ذهب في فور فتح الباب أو حل الرباط فهو ضامن وإن لم يذهب في فوره ذلك فلا ضمان عليه لأنه لما لم يذهب في فوره فقد علمنا أن الباب لم يكن مانعا له وإنما ذهب بقصد حدث له وقصد الدابة عنده معتبر وإذا ذهب في فوره فقد علمنا أن الباب كان مانعا ومن أزال هذا المانع فهو متعدي فيما صنع فيكون ضامنا وإذا كانت اللقطة في يد مسلم فادعاها رجل ووصيفها فأبى الذي في يده أن يدفعها إليه إلا ببينة فأقام شاهدين كافرين لم تجز شهادتهما لأنها تقوم على المسلم في استحقاق يده عليه وشهادة الكافر ليست بحجة على المسلم وان كانت في يد كافر فكذلك في القياس لأني لا أدرى لعلها ملك المسلم وشهادة الكافر في استحقاق ملك المسلم ليست بحجة ولكن في هذا الاستحسان يقضى له بشهادتهما لأنها تقوم لاستحقاق اليد علي الملتقط والملتقط كافر وشهادة الكافر حجة على الكافر ثم كما (2 مبسوط الحادي عشر)
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست