المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٨٠
إقامة ما يقبل ببدنه ولكن له أن يقمه بأعوانه وأحزابه وهو يقدر له على ابقاء ما التزمه بهذا الطريق فلهذا كان مطالبا بحكم الكفالة والله سبحانه وتعالى أعلم باب بضاعة المفاوض قال (ولأحد المتفاوضين أن يبيع بضاعة مع رجل وأن يدفع مضاربة وان يودع) وقد بينا ان شريك العنان يملك هذا فالمفاوض أولي لأنه أعم تصرفنا منه. قال (وليس له أن يقرض لان الاقراض تبرع) وكل واحد من المتفاوضين إنما قام مقام صاحبه في التجارة في مال الشركة دون التبرع ألا ترى أنه لا يملك الهبة ولا الصدقة في نصيب صاحبه فالاقتراض في كونه تبرعا كالصدقة أو فوقه قال صلى الله عليه وسلم الصدقة بعشرة أمثالها والقرض بثمانية عشر. وقيل إنما جعل الثواب في القرض أكثر لان ملتمس القرض لا يأتيك الا محتاجا والسائل للصدقة قد يكون محتاجا وقد يكون وغير محتاج (وذكر) الحسن ان على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لاحد المتفاوضين أن يقرض مال المفاوضة من رجل ويأخذ منه ما نتحققه به وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى ليس له ذلك وجعل هذا بمنزلة الكفالة من يحث انه متبرع في الأداء ولكن يرجع بمثله كما أن الكفيل متبرع في الالتزام ولكن يرجع بمثل ما يؤدى. ثم من أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى ان أحد المتفاوضين إذا كفل بمال يلزم شريكه ويجعل معنى المفاوضة في ذلك راجحا لذلك الاقرار وعندهما كفالة أحد المتفاوضين لا يلزم شريكه وجعلا معنى التبرع فيه راجحا لذلك في الاقرار. قال (فان أقر ض أحدهما فهو ضامن نصف ما أقرض لشريكه) لأنه متعد في نصيب شريكه بتصرفه في المال علي غير ما هو مقتضى الشركة ولكن لا يفسد ذلك المفاوضة لان المضمون له إنما اختص بملك دين وذلك غير مفسد للمفاوضة ما لم يقبضه ولان المقترض مستوجب مثل ذلك عن المستقرض فكانت المساواة بينهما قائمة. قال (وليس له أن يعير دابة بغير رأيه من شركتهما في القياس) لان الإعارة تبرع بالمنفعة بغير بدل فهو كالتبرع بالعين بغير بدل كالهبة وذلك خلاف ما تقتضيه المفاوضة قال (فإذا فعل فعطبت الدابة تحت المستعير كان المعير ضامنا نصف قيمة الدابة لشريكه في القياس) لأنه متعد في نصيبه بالتسليم إلى المستعير ولكن استحسن فقال له أن يعير ولا ضمان عليه لان الإعارة من توابع التجارة فان التاجر لا يجد بدا منه
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست