المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٢٠
في هذه كالدابة اعتبار المنفعة العين بالعين والله سبحانه وتعالى أعلم.
(كتاب الصيد) قال (الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله إملاء: إعلم بان الاصطياد مباح في الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا وأدنى درجات صفة الامر الإباحة وقال الله تعالى أحل لكم صيد البحر الآية والسنة قوله صلى الله عليه وسلم الصيد لمن أخذه فعلى هذا بيان ان الاصطياد مباح مشروع لان الملك حكم مشروع فسببه يكون مشروعا وهو نوع اكتساب وانتفاع بما هو مخلوق لذلك فكان مباحا ويستوى إن كان الصيد مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم لما في اصطياده من تحصيل المنفعة بجلده أو دفع أذاه عن الناس. والحيوانات نوعان، نوع منها ما لا دم له فلا يحل تناول شئ منها الا السمك والجراد لان شرط يناول الحيوانات الذكاة شرعا وذلك لا يتحقق له فيما لا دم له إلا أن السمك والجراد مستثنى بالنص مما شرط فيه الذكاة لقوله صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالسمك والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال. وماله دم نوعان مستأنس ومستوحش فالذي يحل تناوله من المستأنس بالاتفاق الانعام وهي الإبل والبقر والغنم والدجاج وذلك ثابت بالكتاب قال الله تعالى والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنافع ومنها تأكلون وقال تعالى جعل لكم الانعام لتركبوا منها ومنها تأكلون وفيما سواها من المتأنس نبينه في موضعه إن شاء الله تعالى. والمستوحش نوعان منها صيد البحر لا يحل تناول شئ منها سوي السمك ومنها صيد البحر ويحل تناولها الا ماله ناب أو مخلب لنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ولمعنى الخبث فيهما فان من طبعهما الاختطاف والانتهاب فلا بد من ظهور أثر ذلك في خلق المتناول للغذاء من الأثر في ذلك كما قال صلى الله عليه وسلم لا ترضع لكم الحمقاء فان اللبن يعدى والمستخبث حرام بالنص لقوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث ولهذا حرم تناول الحشرات فإنها مستخبثة طبعا وإنما أبيح لنا أكل الطيبات قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم فقد أكرم المؤمنين بهذا الخطاب حيث خاطبهم بما خاطب به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم حيث
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست