المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٠
قيمتها فلا يكون فيها نظر لصاحبها فأما في المدة اليسيرة تقل النفقة ومعنى النظر لحفظ عين ملكه عليه يحصل فإن لم يجئ صاحبها باع الشاة ونحوها لان في البيع حفظ المالية عليه بالثمن وله ولاية الحفظ عليه بحسب الامكان فإذا تعذر حفظ العين عليه لعوز النفقة صار إلى حفظ المال عليه بالبيع وأما الغلام والدابة فنؤاجره وننفق عليه من أجره لان بهذا الطريق يتوصل إلى حفظ عين ملكه والمنفعة لا تبقي له بعد مضى المدة فاجارته والانفاق على بمحض نظر له فإذا باعها اعطاء القاضي من ذلك الثمن ما أنفق عليه بأمره في اليومين أو الثلاثة لان الثمن مال صاحبها والنفقة دين واجب للملتقط على صاحبها وهو معلوم للقاضي فيقضى دينه بماله لان صاحب الدين لو ظفر بجنس حقه كان له أن يأخذه فكذلك القاضي يعينه على ذلك فإن لم يبعها حتى جاء صاحبها وأقام البينة انها له قضى له بها القاضي وقضى عليه بنفقة الملتقط فان قال الملتقط لا أدفعها إليك حتى تعطيني النفقة كان له ذلك لان ملكه في الدابة حي وبقي تملك النفقة فكانت تلك النفقة متعلقة بمالية الدابة من هذا الوجه فيحبسها كما يحبس البائع المبيع بالثمن ولم يذكر في الكتاب أن الملتقط إذا لم يقم البينة هل يأمر القاضي بالانفاق أم لا والصحيح انه ينبغي للقاضي أن يقول له ان كنت صادقا فقد أمرتك بالانفاق عليه لان في هذا معنى النظر لهما ولا ضرر فيه على أحد فإنه إن كان غاصبا للدابة لم يخرج من ضمانه ولا يستوجب الرجوع بالنفقة على مالكها بالأمر لما قيده بكونه صادقا فيه وإذا التقط الرجل لقطة أو وجد دابة ضالة أو أمة أو عبدا أو صبيا حرا ضالا فرده على أهله لم يكن في شئ من ذلك جعل لأنه متبرع بمنافعه في الرد ووجوب الجعل لرد الآبق حكم ثبت نصا بخلاف القياس بقول الصحابة رضي الله عنهم فلا يلحق به ما ليس في معناه من كل وجه والضال ليس في معنى الآبق فالآبق لا يزال يتباعد من المولى حتى يفوته والضال لا يزال يقرب من صاحبه حتى يجده فلهذا أخذنا فيه بالقياس وان عوضه صاحبه شيئا فهو حسن لأنه يحسن إليه في احياء ملكه ورده عليه وهل جزاء الاحسان إلا الاحسان ولأنه منعم عليه وقال صلى الله عليه وسلم من أزالت إليه نعمة فليشكرها وذلك بالتعويض وأدنى درجات الامر الندب وإذا وجد الرجل بعيرا ضالا أخذه يعرفه ولم يتركه يضيع عندنا وقال ملك رحمه الله تركه أولى للحديث المشهوران النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ضالة الغنم فقال هي لك أو لأخيك أو للذئب فلما سئل عن ضالة الإبل غضب حتى احمرت وجنتاه وقال مالك
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست