المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٦٥
مملكا للثوب منه وذلك مسقط للقطع كما لو ملكه بالبيع أو الهبة وان اختار استرداد الثوب فلم يحدث السارق فيه ملكا ولا سبب ملك فيبقى القطع عليه (قال) وإذا سرق شاة فذبحها في الدار وأخرجها فلا قطع عليه لأنها صارت لحما واللحم مما يتسارع إليه الفساد واتمام فعل السرقة فيما يتسارع إليه الفساد غير موجب للقطع وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى لهذه العلة ولثبوت حق التضمين للمالك فان له أن يضمنه قيمة الشاة ويملكه ذلك اللحم فكان ذلك شبهة في اسقاط القطع عنه (قال) وإذا قطعت يد السارق ورد المتاع على صاحبه ثم سرقه مرة أخرى لم يقطع عندنا استحسانا وعن أبي يوسف انه يقطع وهو القياس وهو قول الشافعي لأنه سرق مالا كامل المقدار من حرز لا شبهة فيه وبهذه الأوصاف قد لزمه القطع في المرة الأولى فكذلك في المرة الثانية وهذا لأنه تعذر رد المتاع على المسروق منه وهذه العين في حق السارق كعين أخرى في حكم الضمان حتى لو غصبه أو أتلفه كان ضامنا وكذلك في حكم القطع ألا ترى أنه لو باعه المسروق منه من انسان فسرقه من المشترى أو باعه ثم اشتراه ثم منه ثانيا يقطع فكذلك قبل البيع والشراء والدليل عليه انه لو سرق غزلا فقطعت يده ثم نسجه المالك ثم سرقه ثانيا يقطع وكذلك الحنطة إذا طحنها كذلك لو كانت بقرة فولدت عند المسروق منه ثم سرق ولدها يقطع والولد جزء منها فإذا كان يقطع بسرقة جزء منها فكذلك بسرقتها والدليل عليه أنه لو سرق من حرز فقطعت يده فخرب ثم أعيد ذلك الحرز فسرق منه مرة أخرى قطع فكذلك المال ولان هذا حد لله تعالى خالصا فيتكرر بتكرر الفعل في محل واحد كحد الزنا فان من زنى بامرأة فحد ثم زنى بها مرة أخرى لزمه الحد بخلاف حد القذف فإنه حق المقذوف عندي وخصومته في الحد غير مسموعة في المرة الثانية لان المقصود إظهار كذب القاذف ودفع العار عن المقذوف وقد حصل ذلك بالمرة الأولى (وحجتنا) فيه نوعان من الكلام أحدهما ما بينا أن صفة المالية والتقوم لم يبق في هذا العين حقا للمسروق منه بعدما قطعت يد السارق بدليل أنه لو تلف في يده أو أتلفه لم يضمن فبعد ذلك وان ظهرت المالية والتقوم في حقه بالاسترداد يبقي ما سبق مورثا شبهة والقطع يندرئ بالشبهات وهو نظير ما يوجد مباح الأصل في دار الاسلام إذا أحرزه انسان صار مالا متقوما له ومع ذلك لم يقطع السارق فيه باعتبار الأصل فهذا مثله فأما باعه ثم اشتراه فقد قيل لا يلزمه القطع أيضا
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست