الفعل واحد ولهذا لو تمكنت الشبهة من أحد الجانبين يصير ذلك شبهة في اسقاط الحد عن الآخر والطريق الثاني ما ذكره الطحاوي ان الذين شهدوا انها طاوعته صاروا قاذفين لها ملتزمين حد القذف لولا شهادة الآخرين انه زنى بها وهي مكرهة فكانا خصمين ولا شهادة للخصم وإنما لا يقام حد القذف عليهما بشهادة آخرين بمنزلة من قذف امرأة ثم أقام شاهدين انها زنت وهي مكرهة سقط الحد عن القاذف ولان اعتبار عدد الأربعة في الشهادة على الزنا الموجب للحد وهذه شهادة على سقوط احصانها لان زنا المكرهة لا يوجب حد الزنا عليها بحال وسقوط الاحصان يثبت بشهادة شاهدين وبيان هذا الطريق فيما ذكره محمد في الكيسانيات قال لو شهد ثلاثة انها طاوعته وواحد انها مكرهة فعند أبي حنيفة رحمه الله لا يقام الحد على الشهود وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يقام على الثلاثة حد القذف بخصومتها لأنهم صاروا قاذفين لها والشاهد على سقوط احصانها واحد وبشهادة واحد لا يثبت الاحصان وهذا لان المكرهة لا فعل لها فتكون هذه الشهادة في حقها بمنزلة ما لو امتنع الرابع من أداء الشهادة (قال) ولو شهد ثلاثة أنه استكرهها وواحد انها طاوعته فليس على هذا الواحد حد القذف لها بشهادة الباقي بسقوط احصانها هذا كله بناء على ظاهر المذهب أن المكرهة على الزنا يسقط إحصانها وقد روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يسقط احصانها بفعلها ووجه ظاهر الرواية أنها ممكنة من وطئ حرام فان الاكراه لا يعدم لها الفعل خصوصا فيما لا يصلح أن تكون المكرهة آلة للمكره ولأنها مضطرة إلى ذلك وذلك لا يمنع سقوط احصانها (قال) وان شهد أربعة على رجل انه زنى بهذه المرأة في موضع كذا في وقت كذا وشهد أربعة أنه زنى بهذه المرأة الأخرى في ذلك الوقت بعينه في مكان آخر والبينتان بينهما بعد لم يحد واحد منهم لان القاضي تيقن بكذب أحد الفريقين والشخصان في وقت واحد لا يتصور أن يكونا في مكانين مختلفين ولا يعرف الصادق من الكاذب فيمتنع القضاء للتعارض أو لتمكن تهمة الكذب في شهادة كل فريق أو لعدم ظهور رجحان جانب الصدق وان شهد كل فريق منهم على وقت غير الوقت الآخر جازت الشهادة وحد الرجل والمرأتان لأنه ثبت على الرجل فعلان وعلى كل امرأة فعل موجب للحد بحجة كاملة فيقيم القاضي الحد عليهم إذ الزنا بعد الزنا يتحقق في وقتين ومكانين مختلفين بامرأة وامرأتين (قال) وان شهد أربعة أنه زني يوم النحر بمكة بفلانة
(٦٨)