المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٦٣
لم يقض القاضي بشئ ولم يضمنوا للمشهود له شيئا ولو وجب حق المشهود له قبل القضاء بظهور عدالتهم لصاروا متلفين ذلك عليه بالرجوع فينبغي أن يضمنوا له ولما ثبت ان الشهادة لا توجب شيئا بدون القضاء فبقيت النفس معصومة علي ما كانت قبل الشهادة فيجب القصاص على من قتله عمدا ولان الشهادة قد بطلت بالقتل فان القاضي لا يقضى بها بعد ذلك لفوات المحل فهو كما لو بطلت الشهادة برجوعهم فان قضى القاضي برجمه ثم قتله انسان عمدا أو خطأ أو قطع يده أو فقأ عينه لا شئ عليه لأنه قد صار مباح الدم بقضاء القاضي والفعل في محل مباح لا يكون سبب وجوب الضمان وكذلك لو رجع الشهود عن شهادتهم فلا شئ على الجاني لان رجوعهم ليس بحجة في حق الجاني فوجوده كعدمه وان وجد أحد الشهود عبدا بعدما قتله الرجل عمدا ففي القياس عليه القصاص لأنه تبين أنه كان محقون الدم حين ظهر أن عدد الشهود لم يتكامل فان العبد لا شهادة له ولان هذا في معني قتله إياه قبل قضاء القاضي لأنه قد تبين أن قضاء القاضي كان باطلا ولكنه استحسن فأبطل عنه القصاص وجعل عليه الدية في ماله في ثلاث سنين لان القاضي قضى بإباحة دمه وصورة قضاء القاضي تكفي لايراث الشبهة فإنه لو كان حقا كان مبيحا للدم فصورته تمكن شبهة كالنكاح الفاسد يجعل شبهة في اسقاط الحد ولهذا؟ لا يجب القصاص على المولى إذا جاء المشهود بقتله حيا وإذا امتنع وجوب القصاص للشبهة وجبت الدية في ماله لان القتل عمد والعاقلة لا تعقل العمد ولكن تجب الدية في ثلاث سنين لان وجوبها بنفس القتل فإن كان هذا الرجل قتله رجما فلا شئ عليه لأنه ممتثل أمر القاضي فيكون فعله كفعل القاضي فلا يضمن شيئا ولكن هذا خطأ من الامام فيما عمله لله تعالى فتجب الدية في بيت المال بخلاف الأول لان هناك ما امتثل أمر القاضي في قتله إياه بالسيف ولهذا يؤدبه القاضي هناك على ما صنع ولا يؤدبه هنا وإن لم يكونوا أجهزوا عليه حتى ظهر أن أحد الشهود عبد فأرش الجراحة أيضا في بيت المال اعتبارا للبعض بالكل والمعنى الجامع أن الخطأ من الامام في الوجهين (قال) أربعة شهدوا على رجل بالزنا وهو غير محصن وضربه الامام الحد ثم وجد أحدهم عبدا وقد مات من ذلك الضرب أو لم يمت فلا شئ في بيت المال ولا على الامام في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما هو على بيت المال وعلى هذا لو رجع الشهود و قد جرحته
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست