المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٤٩
منهم فكان هو الذي خرج به وقد خرجوا معه أو بعده في فوره أو خرجوا قبله ثم خرج هو في فورهم ففي القياس يقطع الحمال وحده وهو قول زفر والشافعي رحمهما الله تعالى وفى الاستحسان عليهم القطع وهو قول علمائنا الثلاثة رحمهم الله تعالى وجه القياس أن فعل السرقة إنما يتم من الحمال باخراج المتاع فأما الآخرون لم يوجد اخراج المتاع منهم حقيقة ولا حكما فلا يلزمهم القطع وبيان ذلك أنهم خرجوا ولا شئ في أيديهم حقيقة ومن طريق الحكم المتاع في يد الحمال حتى لو نازعوه كان القول قوله ويده معتبرة في ايجاب القطع عليه ولا يمكن اعتبار تلك اليد بعينها في ايجاب القطع على الآخرين بخلاف ما إذا حملوه على ظهر الدابة لان فعل الدابة هدر فيبقي الاخراج مضافا إلى سوق الدابة فكانوا مخرجين له ولأنه لا يد للدابة على المتاع فيبقى في يد الآخذين حكما إلى أن أخرجوه على ظهر الدابة وجه الاستحسان انهم اشتركوا في هتك الحرز وصار المال مخرجا بمعاونتهم فيلزمهم القطع كما لو أخرجوه على ظهر الدابة وهذا لأن هذه زيادة حيلة معروفة بين السراق أن يباشر حمل المتاع واحد منهم وأصحابه يكونون مستعدين لدفع صاحب البيت عنه وعن أنفسهم فلا يجوز أن يكون ذلك مسقطا للحد عنهم والمسألة مع الشافعي رحمه الله تعالى إنما تنبني على الردء في قطع الطريق أنه هل تلزمه العقوبة على ما نبينه فان الآخرين كالردء للحمال إلا أن زفر رحمه الله تعالى قد يفرق بينهما فيقول حد قطاع الطريق بسبب المحاربة والردء مباشر للمحاربة لان المحاربة في العادة هكذا تكون فإنهم لو اشتغلوا جميعا بالقتال فإذا وقعت الهزيمة عليهم لا تستقر قدمهم وإذا كان بعضهم ردءا فإذا وقعت الهزيمة على المباشرين للحرب التجؤوا إلى الردء فلهذا كانت العقوبة عليهم بخلاف السرقة فالحد ههنا إنما يجب بمباشرة فعل السرقة وذلك في اخراج المال من الحرز فإذا كان المخرج من يؤاخذ بحكم فعله لم يجب القطع على غيره (قال) وان دخل البيت وأخرج المتاع بعضهم دون البعض فالقطع على من دخل البيت وأخرج ان عرف بعينه وإن لم يعرف فعليهم التعزير ولا يقطع واحد منهم لان فعل السرقة إنما تم من بعضهم وهو غير معروف بعينه فيصير ذلك شبهة في درء العقوبة عنهم (قال) وإذا شهد شاهدان على رجل بالسرقة فقال السارق هذا متاعي كنت استودعته فجحدني أو اشتريته منه أو قال هو أمرني به درئ عنه القطع في جميع ذلك لان المسروق منه قد صار خصما له فإنه ادعى عليه ما لو أقربه لزمه ويتمكن من اثباته عليه بالبينة وان طلب
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست