المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٤١
هذا أحب إلى وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله تعالى لان القطع شرع زاجرا لا متلفا وفى تفويت منفعة الجنس اتلاف حكمي على ما أشار إليه علي رضي الله عنه وسيأتي بيان هذا الفصل وذكر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أضاف أبو بكر الصديق رضي الله عنه أقطع اليد والرجل فكان يصلى بالليل فقال له أبو بكر رضي الله عنه من قطعك فقال يعلي بن أمية باليمن قال أبو بكر رضي الله عنه ما ليلك بليل سارق ثم أغار على حلي لأسماء فسرقه ثم أصبح يدعو مع القوم على من سرق أهل البيت الصالح وفى رواية كأن يقول اللهم أظهر فلم يقم القوم حتى أتى بصائغ بالمدينة عنده الحلي فقال أتاني به هذا الأقطع واعترف فقال أبو بكر رضي الله عنه لعزته بالله أعز على من سرقته وفى رواية ما أجهلك بالله فقال عمر رضي الله عنه والله لا أبرح حتى يقطع فقطعت يده اليسرى وقد ذكرنا في كتاب الاكراه أنه كان أقطع اليد فقطع أبو بكر رضي الله عنه رجله اليسرى وليس لحكاية الحال عموم فعند اختلاف الرواية فيه يضعف الاستدلال به والاشكال في الحديث انه كان ضيفا عند أبي بكر رضي الله عنه والضيف إذا سرق من بيت المضيف لا يقطع لأنه مأذون بالدخول في الحرز ولكن تأويله ان بيت الضيافة لأبي بكر رضي الله عنه كان منفصلا عن بيت العيال فلم يكن الضيف مأذونا في بيت العيال فلهذا قطعه وفيه دليل على أنه لا يعتمد على ظاهر حال الرجل في دعائه وصلاته وقد كان يصلى بالليل ثم كان مقصوده السرقة لا الصلاة وتمام فوائد الحديث نبينه في الاكراه إن شاء الله تعالى وذكر عن يزيد بن خصيف رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسارق فقال أسرقت ما أخاله سرق فقال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به ففعلوا به ذلك فقال تب إلى الله فقال تبت إلى الله تعالى فقال اللهم تب عليه وفيه دليل على أن الامام مندوب إلى الاحتيال لدرء الحد وتلقين المقر الرجوع ويدل عليه ما رواه عن أبي الدرداء أنه أتى بسارق أو بسارقه فقال أسرقت قولي لا وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه أتى بسوداء يقال لها سلامة فقال أسرقت قولي لا قالوا أتلقنها قال جئتموني بأعجمية لا تدري ما يراد بها حين تفسر فاقطعها وفيه دليل على أن المقر بالسرقة إذا رجع درئ عنه الحد وان الرجل والمرأة في ذلك سواء وان للامام أن ينيب غيره منابه ليستوفى الحد لا بحضرته فإنه عليه الصلاة والسلام قال اذهبوا به فاقطعوه وفيه دليل على أن القطع للزجر لا للاتلاف لأنه أمر بالحسم بعد القطع
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست