المبسوط - السرخسي - ج ٨ - الصفحة ١٦٢
في هذا الفصل يحنث إذا جمعهما المكان الذي سمى في السكنى وإن كان كل واحد منهما في دار على حدة لأجل العرف فإنه يقال فلان يساكن فلانا قرية كذا وبلدة كذا وإن كان كل واحد منهما في دار على حدة فأما في ظاهر الرواية لا يحنث في ذلك إلا أن ينويه فحينئذ تعمل نيته لما فيه من التشديد عليه وان حلف لا يساكنه في بيت فدخل عليه فيه زائرا أو ضيفا وأقام فيه يوما أو يومين لم يحنث لان هذا ليس بمساكنة إنما المساكنة بالاستقرار والدوام وذلك بمتاعه وثقله ألا ترى أن الانسان يدخل في المسجد كل يوم مرارا ولا يسمى ساكنا فيه ويدخل على الأمير ويكون في داره يوما ولا يسمى مساكنا له في داره فكذلك هذا الذي دخل على فلان زائرا أو ضيفا لا يكون ساكنا معه فيه فلا يحنث إلا أن ينويه فحينئذ في نيته تشديد عليه فيكون عاملا ألا ترى ان الرجل قد يمر بالقرية فيبيت فيها ويقول ما سكنتها قط فيكون صادقا في ذلك ولو كان ساكنا في دار فحلف أن لا يسكنها ولا نية له ثم أقام فيها يوما أو أكثر لزمه الحنث لان السكنى فعل مستدام حتى يضرب له المدة ويقال سكن يوما أو شهرا والاستدامة على ما يستدام كالانشاء قال الله تعالى وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى أي لا تمكث قاعدا فيجعل استدامة السكنى بعد يمينه كانشائه وكذلك اللبس والركوب لأنه يستدام كالسكنى فأما إذا أخذ في النقلة من ساعته أو في نزع الثوب أو في النزول عن الدابة لم يحنث عندنا استحسانا وفي القياس يحنث وهو قول زفر رحمه الله تعالى لوجود جزء من الفعل المحلوف عليه بعد يمينه إلى أن يفرغ عنه ووجه الاستحسان أن هذا القدر لا يستطاع الامتناع عنه فيصير مستثنى لما عرف من مقصود الحالف وهو البر دون الحنث ولا يتأتى البر الا بهذا ولان السكنى هو الاستقرار والدوام في المكان والخروج ضده فالموجود منه بعد اليمين ما هو ضد السكنى حين أخذ في النقلة في الحال ولو خرج منها بنفسه ولم يشتغل بنقل الأمتعة يحنث عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يحنث لأنه عقد يمينه على سكناه وحقيقة ذلك بنفسه فينعدم بخروجه عقيب اليمين وحكى عنه في تعليل هذه المسألة قال خرجت من مكة وخلفت فيها دفيترات أفأكون ساكنا بمكة (وحجتنا) في ذلك أنه ساكن فيها بثقله وعياله فما لم ينقلهم فهو ساكن فيها لما بينا أن السكنى فعل على سبيل الاستقرار والدوام وذلك لا يتأتى الا بالثقل والمتاع والعرف شاهد لذلك فإنك تسأل السوقي أين تسكن فيقول في محلة كذا وهو في تجارته يكون
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المكاتب 2
2 باب مالا يجوز من المكاتب 8
3 باب مكاتبة العبدين 13
4 باب مكاتبة المكاتب 20
5 باب كتابة العبد على نفسه وولده الصغار 23
6 باب مكاتبة الوصي 26
7 باب مكاتبة الأمة الحامل 28
8 باب مكاتبة الرجلين 32
9 باب مكاتبة الرجل شقصا من عبده 43
10 باب كتابة العبد المأذون 47
11 باب ميراث المكاتب 50
12 باب مكاتبة الصغير 52
13 باب مكاتبة عبده على نفسه 53
14 باب الكتابة على الحيوان وغيره 54
15 باب كتابه أهل الكفر 56
16 باب ضمان المكاتب 59
17 باب الاختلاف في المكاتب 64
18 باب مكاتبة المريض 67
19 باب الخيار في الكتابة 72
20 باب مكاتبة أم الولد والمدبر 74
21 باب دعوة المكاتب 74
22 باب كتابة المرتد 77
23 باب شركة المكاتب وشفعته 78
24 كتاب الولاء 81
25 باب جر الولاء 87
26 باب ولاء الموالاة 91
27 باب بيع الولاء 97
28 باب عتق الرجل عبده عن غيره 98
29 باب الشهادة في الولاء 100
30 باب ولاء المكاتب والصبي 107
31 باب الولاء الموقوف 110
32 باب آخر من الولاء 113
33 باب الاقرار في الولاء 119
34 باب عتق ما في البطن 121
35 كتاب الايمان 126
36 باب الإطعام في كفارة اليمين 149
37 باب الكسوة 153
38 باب الصيام 155
39 باب من الايمان 157
40 باب المساكنة 160
41 باب الدخول 168
42 باب الخروج 173
43 باب الاكل 175